responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 187

كبرت، فشبّب بها عمر بن أبي ربيعة و فضحها و نوّه باسمها كما فعل بنساء قريش، و اللّه لا أقمت بمكة. فباع ضيعة له بالطائف و مكة و رحل بابنته إلى البصرة، فأقام بها و ابتاع هناك ضيعة، و نشأت ابنته من أجمل نساء زمانها [1].

و مات أبوها فلم تر أحدا من بني جمح حضر جنازته، و لا وجدت لها مسعدا [2] و لا عليها داخلا. فقالت لداية [3] لها سوداء: من/ نحن؟ و من أيّ البلاد نحن؟ فخبّرتها. فقالت: لا جرم و اللّه لا أقمت في هذا البلد الذي أنا فيه غريبة! فباعت الضيعة و الدار، و خرجت في أيام الحج. و كان عمر يقدم فيعتمر [4] في ذي القعدة و يحلّ [5]، و يلبس تلك الحلل و الوشي، و يركب النّجائب المخضوبة بالحنّاء عليها القطوع [6] و الدّيباج، و يسبل لمّته، و يلقّى العراقيّات فيما بينه و بين ذات عرق محرمات، و يتلقّى المدنيّات إلى مرّ، و يتلقّى الشاميات إلى الكديد. فخرج يوما للعراقيّات فإذا قبّة مكشوفة فيها جارية كأنها القمر، تعادلها [7] جارية سوداء كالسّبجة [8].

فقال للسوداء: من أنت؟ و من أين أنت يا خالة؟ فقالت: لقد أطال اللّه تعبك، إن كنت تسأل هذا العالم من هم و من أين هم. قال: فأخبريني عسى أن يكون لذلك شأن. قالت: نحن من أهل العراق، فأمّا الأصل و المنشأ [9] فمكة، و قد رجعنا إلى الأصل و رحلنا [10] إلى بلدنا، فضحك. فلما نظرت إلى سواد ثنيّتيه قالت: قد عرفناك.

قال: و من أنا؟ قالت: عمر بن أبي ربيعة. قال: و بم عرفتني؟

قالت: بسواد ثنيتيك و بهيئتك التي ليست إلّا لقريش، فأنشأ يقول:

قلت من أنتم فصدّت و قالت‌

أ مبدّ سؤالك العالمينا

و ذكر الأبيات:

فلما يزل عمر بها حتى تزوّجها و ولدت له.

خبر صلح الثريا و عمر و وساطة ابن أبي عتيق في ذلك‌

قال: فلما صرمت الثريّا عمر قال فيها:


[1] في ت، ح، ر: «نساء أهل زمانها».

[2] المسعد: من تساعد المرأة في النوح على فقيدها من جاراتها أو ذوات قرابتها.

[3] الداية: المرضع، و قد تظل مع الطفلة تربيها حتى تشبّ؛ قال الفرزدق:

ربيبة دايات ثلاث رببنها

يلقمنها من كل سخن و مبرد

[4] أصل معنى الاعتمار الزيارة في موضع عامر. و هي في الشرع زيارة البيت الحرام بالشروط المخصوصة المعروفة و هي الطواف بالبيت و السعي بين الصفا و المروة. و العمرة تكون في السنة كلها بخلاف الحج فإنه لا يكون إلا في أشهره المعلومة و لا يصح إلا مع الوقوف بعرفة.

[5] يحل: يخرج من إحرامه في العمرة.

[6] القطوع: جمع قطع و هو الطنفسية يجعلها الراكب تحته و تغطى كتفي البعير.

[7] تعادلها: تركب معها في أحد شقي المحمل.

[8] السبجة: كساء أسود.

[9] في ح، ر: «و البيت».

[10] في ت: «و دخلنا».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست