فبلغ ابن أبي
عتيق قوله، فمضى حتى أصلح بينهما. و هذه الأبيات تذكر مع ما فيها من الغناء و مع
خبر إصلاح ابن أبي عتيق بينهما بعد انقضاء خبر رملة التي ذكرها عمر في شعره.
قال مصعب بن
عبد اللّه في خبره: و كانت رملة جهمة [4] الوجه، عظيمة الأنف، حسنة الجسم، و
تزوّجها عمر بن عبيد اللّه بن معمر، و تزوّج عائشة بنت طلحة بن عبيد اللّه و جمع
بينهما، فقال يوما لعائشة: فعلت في محاربة الخوارج مع أبي فديك [5] كذا، و صنعت
كذا، يذكر لها شجاعته و إقدامه. فقالت له عائشة: أنا أعلم أنّك/ أشجع الناس، و
أعرف لك يوما هو أعظم من هذا اليوم الذي ذكرته. قال: و ما هو؟ قالت: يوم اجتليت
[6] رملة و أقدمت على وجهها و أنفها.
قال مصعب و
حدّثني يعقوب بن إسحاق قال: لمّا بلغ الثّريا قول عمر بن أبي ربيعة [في رملة [7]]:
/
وجلا بردها و قد حسرته
نور بدر يضيء للناظرينا
قالت: أفّ له
ما أكذبه! أ و ترتفع [8] حسناء بصفته لها بعد رملة! و ذكر ابن أبي حسّان عن
الرّياشيّ عن العبّاس بن بكّار عن ابن دأب: أن هذا الشعر قاله عمر في امرأة من بني
جمح كان أبوها من أهل مكة، فولدت له جارية لم يولد مثلها بالحجاز حسنا. فقال
أبوها: كأنّي بها و قد
[5] هو رأس
من رءوس الخوارج، و اسمه عبد اللّه بن ثور بن قيس بن ثعلبة بن تغلب، غلب على
البحرين في سنة اثنين و سبعين من الهجرة، و قتل نجدة بن عامر الحنفيّ أحد رءوس
الخوارج بعد أن كان بايعه، ثم كان ممن اختلفوا على نجدة لأمور نقموها عليه.
و بعث إليه
خالد بن عبد اللّه القسري أخاه أمية بن عبد اللّه في جند كثيف فهزمه أبو فديك،
فكتب خالد بذلك إلى عبد الملك بن مروان، فوجه عبد الملك عمر بن عبيد اللّه بن معمر
لقتال أبي فديك و أمره أن يندب معه من أحب من أهل البصرة و أهل الكوفة، فندب منهم
عشرة آلاف و سار إلى البحرين فقاتلوا أبا فديك و أصحابه و قتلوا أبا فديك و
استباحوا عسكره، و قتلوا منهم نحوا من ستة آلاف و أسروا ثمانمائة، ثم انصرفوا إلى
البصرة. (انظر «الكامل» لابن الأثير طبع أوربا ج 4 ص 281 و كتاب «الملل و النحل»
للشهرستاني طبع مصر ص 45 و 46 و «خزانة الأدب» للبغدادي ج 2 ص 97).
[6] اجتلى
عروسه: نظر إليها مجلوّة ليلة زفافها. و في «الأغاني» (ج 11 من هذه الطبعة في
أخبار عائشة بنت طلحة و نسبها): أن عمر بن عبيد اللّه قال لعائشة بنت طلحة و قد
أصاب منها طيب نفس: ما مرّ بي مثل يوم أبي فديك؛ فقالت له: اعدد أيامك و اذكر
أفضلها؛ فعدّ يوم سجستان و يوم قطريّ بفارس و نحو ذلك. فقالت عائشة: قد تركت يوما
لم تكن في أيامك أشجع منك فيه. قال: و أيّ يوم؟
قالت: يوم
أرخت عليها و عليك رملة الستر. تريد قبح وجهها.