responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 156

بينا أنا منذ أعوام جالس، إذ أتاني خالد الخرّيت، فقال لي: يا أبا الخطّاب، مرّت بي أربع نسوة قبيل [1] العشاء يردن موضع كذا و كذا لم أر مثلهن في بدو و لا حضر، فيهنّ هند بنت الحارث المرّيّة، فهل لك أن تأتيهنّ متنكّرا فتسمع من حديثهنّ و تتمتّع بالنظر إليهنّ و لا يعلمن من أنت؟ فقلت له: ويحك! و كيف لي أن أخفي نفسي؟

قال: تلبس لبسة أعرابيّ ثم تجلس على قعود [ثم ائتهنّ فسلّم عليهنّ [2]]، فلا يشعرن إلّا بك قد هجمت [3] عليهنّ. ففعلت ما قال، و جلست على قعود، ثم أتيتهنّ فسلّمت عليهنّ ثم وقفت بقربهنّ. فسألنني أن أنشدهنّ و أحدّثهنّ، فأنشدتهنّ لكثيّر و جميل و الأحوص و نصيب و غيرهم. فقلن لي: ويحك يا أعرابيّ! ما أملحك و أظرفك! لو نزلت فتحدّثت معنا/ يومنا هذا! فإذا أمسيت انصرفت في حفظ اللّه. قال: فأنخت بعيري ثم تحدّثت معهنّ و أنشدتهنّ، فسررن بي و جذلن بقربي و أعجبهنّ حديثي. قال: ثم أنهنّ تغامزن و جعل بعضهنّ يقول لبعض: كأنّا نعرف هذا الأعرابيّ! ما أشبهه بعمر بن أبي ربيعة! فقالت إحداهنّ: فهو [4] و اللّه عمر! فمدّت هند يدها فانتزعت عمامتي فألقتها عن رأسي ثم قالت لي: هيه [5] يا عمر! أتراك خدعتنا منذ اليوم!/ بل نحن و اللّه خدعناك و احتلنا عليك بخالد، فأرسلناه إليك لتأتينا في أسوأ هيئة و نحن كما ترى. قال عمر: ثم أخذنا في الحديث، فقالت هند: ويحك يا عمر! اسمع منّي، لو رأيتني منذ أيام و أصبحت عند أهلي، فأدخلت رأسي في جيبي، فنظرت إلى حري فإذا هو مل‌ء الكفّ و منية المتمنّي، فناديت يا عمراه يا عمراه! قال عمر: فصحت يا لبّيكاه يا لبّيكاه! ثلاثا و مددت في الثالثة صوتي، فضحكت. و حادثتهنّ ساعة، ثم ودّعتهنّ و انصرفت.

فذلك قولي:

صوت‌

عرفت مصيف الحيّ و المتربّعا [6]

ببطن حليّات دوارس بلقعا

إلى السّفح [7] من وادي المغمّس بدّلت‌

معالمه و بلا و نكباء زعزعا

لهند و أتراب لهند إذ الهوى‌

جميع و إذ لم نخش أن يتصدّعا

و إذ نحن مثل الماء كان مزاجه‌

كما [8] صفّق [9] الساقي الرحيق المشعشعا

و إذا لا نطيع الكاشحين [10] و لا نرى‌

لواش لدينا يطلب الصّرم موضعا [11]


[1] كذا في م، أ، و في ت، ح، ر: «قبيل». و في باقي النسخ: «قبل العشاء».

[2] زيادة في ت، أ، ء، م.

[3] في ت: «قد نجمت»؛ يقال: نجم بمعنى طلع و ظهر.

[4] في ت: «هو».

[5] كذا في ب، س، ء. و في ت: «هية باللّه يا عمر». و في ح، ر: «باللّه يا عمر».

[6] راجع الحاشية رقم 1 ص 131.

[7] ورد هذا البيت في ص 131: «إلى السرح» في جميع النسخ.

[8] كذا في «ديوانه». و في الأصول كلها: «إذا».

[9] صفق الشراب: مزجه.

[10] في «ديوانه»: «العاذلين».

[11] في «الديوان»، ح، ت، ر،: «مطعما».

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 156
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست