responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 65

و سار على هذا النهج التبريزي و البغدادي‌ [1]، و سماه المظفر العلوي استثناء أيضا و لكنه قال: «و قد عبّر عنه جماعة فكان أقرب أقوالهم الى القلب ما ذكره عبد اللّه بن المعتز فانه قال: «الاستثناء في الشعر تأكيد مدح بما يشبه الذم» [2] و فعل مثله المصري فقال:

«الاستثناء استثناءان: لغوي و صناعي، فاللغوي اخراج القليل من الكثير، و قد فرغ النحاة من ذلك مفصلا في كتبهم. و الصناعي هو الذي يفيد بعد اخراج القليل من الكثير معنى زائدا يعدّ من محاسن الكلام، يستحق به الاتيان في أبواب البديع. و متى لم يكن في الاستدراك و الاستثناء معنى من المحاسن غير ما وضعا له لا يعدّ ان من البديع» [3].

و تابعه ابن الاثير الحلبي في التعريف و الأمثلة [4]، و عرفه ابن قيم الجوزية بقوله: «هو أن يذكر شيئا ثم يرجع عنه أو يدخل شيئا ثم يخرج منه بعضه» [5] و قال إن الاستثناء في القرآن الكريم كثير، و أما الرجوع فلا ينبغي أن يكون في كتاب اللّه منه شي؛ لأنّ المتكلم به لا يليق بجلاله أن يوصف بالرجوع عن شي، و أما ما سوى القرآن ففيه منه كثير.

و عقد الزركشي بابا للاستثناء و قال: «و قريب منه تأكيد المدح بما يشبه الذم بان يستثني من صفة ذم منفية عن الشي صفة مدح بتقدير دخولها فيها» [6]، و قال إنّ التأكيد فيه من وجهين: على الاتصال في الاستثناء؛ و الانقطاع.

و عاد الحمودي الى نهج المصري و ابن الاثير الحلبي و نقل ما ذكراه‌ [7]، و قرن السيوطي الاستدراك بالاستثناء و قال: إنّ «شرط كونهما من البديع أن يتضمنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدل عليه المعنى اللغوي» [8]. و ذكر المدني هذا الشرط فقال:

«فليس كل استثناء يعدّ من المحسنات البديعية بل يشترط فيه اشتماله على معنى يزيد على معنى الاستثناء اللغوي حتى يستحق به نظمه في سلك أنواع البديع» [9].

و يتضح أنّ البلاغيين نظروا الى الاستثناء من زاويتين:

الاولى: أنّه تأكيد المدح بما يشبه الذم كما فعل ابن المعتز و العسكري.

الثانية: انه الاستثناء النحوي الذي يشتمل على معنى يزيد على معنى الاستثناء اللغوية، و يمثل هذا الاتجاه المصري و ابن الأثير الحلبي و السيوطي و المدني.

و من أمثلة الاستثناء قوله تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا: أَسْلَمْنا [10]. فان الكلام لو اقتصر فيه على ما دون الاستدراك لكان منفرا لهم؛ لأنّهم ظنوا الاقرار بالشهادتين من غير اعتقادهما إيمانا فأوجبت البلاغة تبيين الايمان فاستدرك ما استدركه من الكلام ليعلم أنّ الايمان موافقة القلب للسان و أنّ انفراد اللسان بذلك يسمى اسلاما لا ايمانا، و زاده ايضاحا بقوله تعالى: وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ‌ [11] فلما تضمن الاستدراك ايضاح ما على ظاهر الكلام من الاشكال عدّ من المحاسن. و كذلك الاستثناء لا بدّ من تضمنه معنى زائدا على الاستثناء كقوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ‌ [12]، فان هذا


[1] الوافي ص 283، قانون البلاغة ص 450.

[2] نضرة الاغريض ص 128.

[3] تحرير التحبير ص 333، بديع القرآن ص 121.

[4] جوهر الكنز ص 246.

[5] الفوائد ص 171.

[6] البرهان في علوم القرآن ج 3 ص 51.

[7] خزانة ص 118.

[8] معترك ج 1 ص 290، شرح عقود الجمان ص 132، الروض المريع ص 119.

[9] انوار الربيع ج 3 ص 109، نفحات ص 219، كفاية الطالب ص 192، شرح الكافية ص 111.

[10] الحجرات 14.

[11] الحجرات 14.

[12] الحجر 30- 31.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست