responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 66

الاستثناء لو لم يتقدم لفظه هذا الاحتراس من قوله تعالى‌ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ‌ لما جاز اثباته في أبواب البديع فانه لو اقتصر فيه على قوله (فسجد الملائكة إلا إبليس) لاحتمل أن يكون من الملائكة من لم يسجد فيتأسّى به إبليس و لا يكون منفردا بهذه الكبيرة لاحتمال أن تكون أداة التعريف للعهد لا للجنس، فلما كان هذا الاشكال يتوجه على الكلام اذا اقتصر فيه على ما دون التوكيد وجب الاتيان بالتوكيد، ليعلم أنّ أداة التعريف للجنس فيرتفع هذا الاشكال بهذا الاحتراس فحينئذ تعظم كبيرة ابليس لكونه فارق جميع الملأ الأعلى و خرق اجماع الملائكة فيستحق أن يفرد بما جرى عليه من اللعن الى آخر الأبد.

و منه قول زهير:

أخو ثقة لا تهلك الخمر ما له‌

و لكنّه قد يهلك المال نائله‌

و قول أبي نواس:

لمن طلل عاري المحلّ دفين‌

عفا آيه إلّا خوالد جون‌

و قول الآخر:

تبّت يد سألت سواك و أجدبت‌

أرض بغير بحار جودك توسم‌

فالعزّ إلّا في حياتك ذلّة

و المال إلّا من يديك محرّم‌

و هناك نوع آخر من الاستثناء وقع للمصري و سماه «استثناء الحصر».

استثناء الحصر:

وقع هذا النّوع للمصري و هو الذي سماه بهذا الاسم قال: «و من الاستثناء، نوع وقع لي فسميته استثناء الحصر، و هو غير الاستثناء الذي يخرج القليل من الكثير» [1]. كقول القائل:

إليك و إلا ما تحثّ الركائب‌

و عنك و إلّا فالمحدّث كاذب‌

فان خلاصة هذا البيت قول الشاعر للممدوح: لا تحث الركائب إلّا اليك و لا يصدق المحدث إلا عنك، و لا يحصل هذا الحصر من الاستثناء السابق.

و قد شرح المصري ذلك بقوله: «فان قوله تعالى:

فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً [2] لا يمنع أن يقال: إلا خمسين عاما و عاما لو لا توخي الصدق في الخبر. و قوله سبحانه: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ‌ [3] لا يمنع ان يقال:

و رهطه، لو لا مراعاة الصدق، و لأنّ الصيغ التي قدرها المعترض لا يقع مثلها في الكلام الفصيح فانها عبارة أهل العي و الفهد. فان قلت: كل الاستثناء موضوع للحصر فلا اختيار لهذا الاستثناء على الأول، و ما قدرته في الاستثناء الأول يلزم مثله في هذا الاستثناء إذا أزلت منه التقديم و التأجير و أتيت بالكلام على استقامته. قلت: الذي ميّز هذا الاستثناء على الأول هو ما فيه من التقديم و التأجير فانه على الصورة التي جاء عليها يفيد حصرا أشد من حصر جنس الاستثناء كله».

و ذكر الحموي و السيوطي هذا النوع و نسباه الى المصري‌ [4]، و لكن المدني علّق على ذلك بقوله: «و أنا أقول: أما لفظ البيت‌

إليك و الّا ما تحث الركائب‌

و عنك و إلّا فالمحدث كاذب‌

[5] فليس فيه استثناء و «إلّا» المذكورة في صدره و عجزه ليست هي الاستثنائية و انما هي بمعنى «إن لم» فهي كلمتان «ان» الشرطية


[1] تحرير التحبير ص 337.

[2] العنكبوت 14.

[3] الحجر 30- 31

[4] خزانة الأدب ص 119، شرح عقود الجمان ص 132.

[5] البيت هو؛

إليك و الّا ما تحث الركائب‌

و عنك و إلّا فالمحدث كاذب‌

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست