responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 435

و قال السّكّاكي في الإيهام: «هو أن يكون للفظ استعمالان قريب و بعيد فيذكر لإيهام القريب في الحال الى أن يظهر أنّ المراد به البعيد» [1]، و هذا هو تعريف التورية. و قد مثّل له بقوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‌ [2] و لكن الزمخشري قال في تفسيرها: «إنّها كناية عن الملك كما في قوله:

«يدفلان مبسوطة و يدفلان مغلولة بمعنى أنّه جواد أو بخيل» [3]. و بقوله تعالى: وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ‌ [4]. و هي من التخييل عند الحلبي و النويري‌ [5]، و ذلك أحسن من أن يطلق على ما في كتاب اللّه من روعة و تخييل لفظ الايهام.

و فضّل القزويني مصطلح «التورية» و ذكر أنّها تسمى إيهاما، و قال: «هي أن يطلق لفظ له معنيان قريب و بعيد و يراد بها البعيد» [6]. و تبعه في ذلك شراح التلخيص‌ [7].

و قال العلوي: «إنّ هذا الاسم عبارة عن كل ما يفهم منه معنى لا يدلّ عليه ظاهر لفظه و يكون مفهوما عند اللفظ به» [8]. و أدخل فيها الكناية و التعريض و المغالطة و الاحاجي و الالغاز و قال:

«فهذه الأمور كلها مشتركة في كونها دالة على أمور بظاهرها و يفهم عند ذكرها أمور أخر غير ما تعطيه بظواهرها».

و قال ابن قيم الجوزية: «هو أن يعلق المتكلم لفظة من الكلام بمعنى ثم يردها بعينها و يعلقها بمعنى آخر» [9]. و أدخلها السجلماسي في أنواع التعمية [10].

و لا تخرج تعريفات البلاغيين الآخرين عن هذا المعنى، و قد ذكر المدني تنبيهين هما: [11]

الاول: الفرق بين اللفظ الذي تتهيأ به التورية و اللفظ الذي تترشح به و اللفظ الذي تتبيّن به، أنّ الأول لو لم يذكر لما تهيأت التورية أصلا، و الثاني و الثالث انما هما مقوّيان للتورية، و لم لم يذكرا لكانت التورية موجودة، غير أنّ الثاني من لوازم المعنى القريب المورّى به، و الثالث يكون من لوازم المعنى البعيد المورّى عنه.

الثاني: ليس كل لفظ مشترك يتصور فيه التورية، بل لا بدّ من اشتهار معانيه و تداولها على الألسنة بخلاف اللغات الغريبة، إلا أن يختص قوم باشتهار لغة غريبة بينهم فينبغي اعتبار حال المخاطب بها.

و التورية أربعة أنواع: التورية المبينة، و التورية المجردة، و التورية المرشحة، و التورية المهيأة.

التّورية المبيّنة:

و هي ما ذكر فيها لازم المورّى عنه قبل لفظ التورية أو بعده، و هي قسمان:

الأول: هو ما ذكر لازمه من قبل، كقول البحتري:

و وراء تسدية الوشاح مليّة

بالحسن تملح في القلوب و تعذب‌

ف «تملح» تحتمل أن تكون من الملوحة و هو المعنى القريب المورّى به، و تحتمل أن تكون من الملاحة و هو المعنى البعيد المورّى عنه، و قد تقدم من لوازمه على جهة التبيين «ملية بالحسن».

الثاني: هو الذي يذكر فيه لازم المورّى عنه بعد لفظ التورية كقول ابن سناء الملك:


[1] مفتاح العلوم ص 201.

[2] طه 5.

[3] الكشاف ج 3 ص 52.

[4] الزمر 67.

[5] حسن التوسل ص 250، نهاية الارب ج 7 ص 132.

[6] الايضاح ص 353، التلخيص ص 359.

[7] شروح التلخيص ج 4 ص 322، المطول ص 425، الاطول ج 2 ص 194.

[8] الطراز ج 3 ص 62.

[9] الفوائد ص 136.

[10] المنزع البديع ص 269.

[11] أنوار الربيع ج 5 ص 14.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 435
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست