و سماه المصري حسن الخاتمة و ذكر
انه من مستخرجاته، و قال: «يجب على الشاعر و الناثر أن يختما كلامهما بأحسن خاتمة فانّها آخر ما
يبقى في الاسماع و لأنّها ربما حفظت من دون سائر الكلام في غالب الأحوال فيجب أن
يجتهد في رشاقتها و نضجها و حلاوتها و جزالتها»[3]. و نقل ابن مالك هذا الكلام و بعض
أمثلة المصري[4].
و ليس الأمر كما قال المصري و
إنّما سبق الى هذا الفن الذي سمي «جودة القطع» أو «براعة المقطع» أو «الانتهاء»، و قد أشار الحموي الى ذلك بقوله: «هذا النوع ذكره ابن أبي الاصبع أنّه من
مستخرجاته و هو موجود في كتب غيره بغير هذا الاسم فان التيفاشي سماه «حسن المقطع» و سماه ابن أبي الاصبع حسن
الخاتمة»[5].
فالانتهاء معروف و أول اشارة اليه
كانت كلام شبيب بن شيبة الذي سماه «جودة القطع» و كان القاضي الجرجاني قد تحدث عن حسن الخاتمة و قال: «و الشاعر الحاذق يجتهد في تحسين
الاستهلال و التخلص و بعدها الخاتمة فانها المواقف التي تستعطف أسماع الحضور و
تستميلهم الى الاصغاء»[6] و سماه المدني «حسن الختام» و قال:
«و هذا رابع المواضع التي نص أئمة البلاغة على التأنق فيها؛ لأنه آخر ما
يقرع السمع و يرتسم في النس، و ربما حفظ لقرب العهد به، فان كان مختارا حسنا تلقاه
السمع و استلذه حتى جبر ما وقع فيما سبق من التقصير كالطعام اللذيذ الذي يتناول
بعد الأطعمة التفهة، و إن كان بخلاف ذلك كان على العكس حتى ربما أنسى المحاسن
الموردة فيما سبق. و جميع خواتيم السور كفواتحها واردة على أحسن وجوه البلاغة و
اكملها لانها بين أدعية و وصايا و فرائض و تحميد و تهليل و مواعظ و وعد و وعيد الى
غير ذلك مما يناسب الاختتام»[7]
و من حسن الختام الذي ذكره المدني
قول أبي نواس:
و
إنّي جدير إذ بلغتك بالمنى
و
أنت بما أمّلت منك جدير
فإن
تولني منك الجميل فأهله
و
إلا فاني عاذر و شكور
و قول المتنبي:
سما
بك همّي فوق الهموم
فلست
أعدّ يسارا يسارا
و
من كنت بحرا له يا عليّ
لم
يقبل الدرّ إلا كبارا
و قول ابن هاني المغربي:
لا
زلت تسحب أذيال الندى كرما
في
نعمة غير مزجاة من النعم
ما
نمنم الروض أو حاكت و شائعه
أيدي
السحاب الغوادي العزّ بالديم
فالانتهاء، و جودة القطع و براعة
المقطع و حسن الخاتمة و حسن الختام كلها فن واحد الهدف منه أن يحرك النفس عند ختام
القصيدة أو الكلمة ليبقى أثرها عالقا بالنفوس.
الانسجام:
سجمت العين الدمع و السحابة الماء
تسجمه و تسجمه سجما و سجوما و سجمانا: و هو قطران