اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب الجزء : 1 صفحة : 15
بينها في تأليف الألفاظ فصار
الكلام بها مؤتلف النسج محكم السّدى[1].
ائتلاف اللّفظ مع المعنى:
أشار بشر بن المعتمر في صحيفته الى
هذا الفن، و قال: «و من أراغ معنى شريفا فليلتمس له
لفظا كريما، فانّ حقّ المعنى الشريف اللفظ الشريف»[2]. و قال الجاحظ: «إلا اني أزعم ان سخيف الألفاظ مشاكل
لسخيف المعاني»[3]، و قال: «و متى شاكل- أبقاك اللّه- ذلك اللفظ
معناه و أعرب عن فحواه، و كان لتلك الحال وفقا و لذلك القدر لفقا، و خرج من سماجة
الاستكراه، و سلم من فساد التكلف، كان قمينا بحسن الموقع و بانتفاع المستمع، و
أجدر بأن يمنع جانبه من تناول الطاعنين، و يحمي عرضه من اعتراض العائبين، و ألّا
تزال القلوب به معمورة و الصدور مأهولة»[4].
و قال: «و لكل ضرب من الحديث ضرب من اللفظ، و لكل نوع من المعاني نوع من
الاسماء، فالسخيف للسخيف، و الخفيف للخفيف، و الجزل للجزل»[5]. و هذا هو التناسب بين اللفظ و
المعنى، و قد سماه قدامة «ائتلاف اللفظ مع المعنى»[6] و تحدث فيه عن المساواة و الاشارة
و الإرداف و التمثيل. و لم يبين معناه غير أنّ الآمدي شرحه و لم «توف عبارته بايضاحه»[7]، و تحدث عنه القاضي الجرجاني فقال: «لا آمرك باجراء أنواع الشعر كله مجرى واحدا، و لا أن تذهب بجميعه مذهب
بعضه، بل أرى لك أن تقسّم الألفاظ على رتب المعاني فلا يكون غزلك كافتخارك، و لا
مديحك كوعيدك، و لا هجاؤك كاستبطائك، و لا هزلك بمنزلة جدك، و لا تعريضك مثل
تصريحك، بل ترتب كلّا مرتبته و توفّيه حقه، فتلطّف إذا تغزلت، و تفخّم اذا افتخرت،
و تتصرف للمديح تصرّف مواقعه، فانّ المدح بالشجاعة و البأس يتميز عن المدح
باللباقة و الظرف، و وصف الحرب و السلاح ليس كوصف المجلس و المدام، فلكل واحد من
الأمرين نهج هو أملك به، و طريق لا يشاركه الآخر فيه»[8].
وعدّ المرزوقي «مشاكلة اللفظ للمعنى» أحد أبواب عمود
الشعر و قال:
«و عيار مشاكلة اللفظ للمعنى و شدة اقتضائهما للقافية طول الدربة و دوام
المدارسة فاذا حكما بحسن التباس بعضها ببعض لا جفاء في خلالها و لا نبوّ و لا
زيادة فيها و لا قصور، و كان اللفظ مقسوما على رتب المعاني قد جعل الأخصّ للأخص، و
الأخسّ للأخس فهو البريء من العيب»[9].
و قال المصري في تعريفه: «و تلخيص معنى هذه التسمية أن تكون
ألفاظ المعنى المطلوب ليس فيها لفظة غير لائقة بذلك المعنى»[10].
و قال العلوي: «هو أن تكون الألفاظ لائقة بالمعنى
المقصود و مناسبة له، فاذا كان المعنى فخما كان اللفظ الموضوع له جزلا، و اذا كان
المعنى رقيقا كان اللفظ رقيقا فيطابقه في كل أحواله، و هما اذا خرجا على هذا
المخرج و تلاءما هذه الملاءمة وقعا من البلاغة أحسن موقع، و تألفا على أحسن شكل، و
انتظما في أوفق نظام. و هذا باب عظيم في علم البديع و جاء القرآن الكريم على هذا
الاسلوب»[11].
[1]الطراز
ج 3 ص 146- 147، و ينظر نفحات الأزهار ص 335، شرح الكافية ص 226.