responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 14

تختار واحدا منها لما يحصل فيه من مناسبة ما بعده و ملاءمته» [1].

و قال الحموي: «هو أن يكون في الكلام معنى يصح معه هذا النوع، و يأخذ عدة معان فيختار منها لفظة بينها و بين الكلام ائتلاف» [2].

و قال السيوطي: «أن تكون الألفاظ تلائم بعضها بعضا بأن يقرن الغريب بمثله و المتداول بمثله رعاية لحسن الجوار و المناسبة» [3].

و ذكر المدني أنّ لهذا النوع تعريفين عند البديعيين:

الأول: ما ذكره صفيّ الدين الحلّيّ و عليه أصحاب البديعيات و هو: «أن يكون في الكلام معنى يصحّ معه واحد من عدة معان فيختار منها ما بين لفظه و بين بعض الكلام ائتلاف و ملاءمة و إن كان غيره يسدّ مسدّه».

كقول البحتري:

كالقسيّ المعطّفات بل الأس

هم مبريّة بل الأوتار [4]

فانّ تشبيه الابل بالقسيّ من حيث هو كناية عن هزالها يصحّ معه تشبيهها بالعراجين و الأهلّة و الأطناب و نحوها، فاختار من ذلك تشبيهها بالاسهم و الاوتار لما بينهما و بين القسيّ من الملاءمة و الائتلاف.

الثاني: ما ذكره السيوطي، و هو التعريف السابق كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً [5]. أتى بأغرب ألفاظ القسم و هي التاء، فانها أقلّ استعمالا و أبعد من أفهام العامة بالنسبة الى الباء و الواو، و بأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الاسماء و تنصب الأخبار و هو «تفتأ» فانّ «تزال» أقرب الى الافهام و اكثر استعمالا من «تفتأ»، و بأغرب ألفاظ الهلاك و هو «الحرض» فاقتضى حسن الوضع أن تجاور كل لفظة بلفظة من جنسها في الغرابة توخيا لحسن الجوار و رغبة في ائتلاف الألفاظ لتتعادل في الوضع، و تتناسب في النظم. و لما أراد غير ذلك قال:

وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ‌ [6] فأتى بجميع الألفاظ متداولة لا غرابة فيها.

و هذا التعريف و التمثيل له هو الذي ينبغي المصير اليه و التعويل عليه ليكون نوعا مستقلا مغايرا لمراعاة النظير، أما التعريف الأول و التمثيل له فهما شاملان لمراعاة النظير [7].

و من أمثلة هذا الفن قول المتنبي:

على سابح موج المنايا بنحره‌

غداة كأنّ النّبل في صدره وبل‌

فالسابح: الحصان، فلما وصفه بالسباحة عقّبه بذكر الموج، و ذكر النبل و عقّبه بذكر الوبل لما كان يشبه النبل في شدة وقعه و سرعة حركته، ثم واصل بين الوبل و الموج لما بينهما من الملاءمة.

و من ذلك قول ابن رشيق القيرواني:

أصحّ و أقوى ما رويناه في النّدى‌

من الخبر المأثور منذ قديم‌

أحاديث ترويها السيول عن الحيا

عن البحر عن جود الأمير تميم‌

فلاءم بين الصحة و القوة، و بين الرواية و الخبر؛ لأنها كلها متقاربة في ألفاظها، ثم قوله أحاديث تقارب الأخبار، ثم أردفها بقوله السيول، ثم عقبه بالحيا؛ لأن السيول منه، ثم عن البحر؛ لأنه يقرب من السيل، ثم تابع بعد ذلك بقوله: «عن جود الأمير تميم» فهذه الأمور كلها متقاربة، فلأجل هذا لاءم‌


[1] الطراز ج 3 ص 146.

[2] خزانة الادب ص 438.

[3] الاتقان ج 2 ص 88.

[4] القسي؛ جمع قوس. و هي آلة رمي السهام.

المعطفات؛ المحنية الاسهم مبرية؛ النبال منحوتة؛ الأوتار؛ جمع وتر، و هو ما يشد بين طرفي القوس لينبض عند الرمي.

[5] يوسف 85.

[6] النور 53.

[7] أنوار الربيع ج 6 ص 234- 235.

اسم الکتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها المؤلف : احمد مطلوب    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست