وتحصل للجميع كيفيّة متوسّطة متشابهة هي المزاج ، فتستعدّ بذلك لإفاضة صورة مناسبة لها من المبدأ.
ثمّ المشهور بينهم أنّ النار التي تسطع عند ملاقاة الحجر والحديد ، أو عند احتكاك الخشبتين الرطبتين أو اليابستين إنّما هي بانقلاب الهواء الذي بينهما نارا بسبب حرارة حدثت فيه من الاصطكاك والاحتكاك ، لا بأن يخرج من الحجر أو الحديد أو الشجر نار. وظواهر الآيات والأخبار المتقدّمة لا تنافي ذلك.
وأمّا قوله 7 في حديث هشام : « إنّ النار في الأجسام كامنة » فالمراد منها إمّا النار التي تركّب الجسم منها ومن سائر العناصر ، أو المعنى أنّ ما هو سبب لإحداث النار حاصل في الأجسام وإن انطفأت النيران المتولّدة منها وانقلبت هواء » [١] انتهى.
[١] فصل : في النار ، وفيه أخبار :
منها : ما روي عن المفضّل أنّه قال : سألت أبا عبد الله 7 عن النيران فقال : « النيران أربعة : نار تأكل وتشرب ، ونار تأكل ولا تشرب ، ونار تشرب ولا تأكل ، ونار لا تأكل ولا تشرب ، فالنار التي تأكل وتشرب فنار ابن آدم وجميع الحيوان ، والتي تأكل ولا تشرب فنار الوقود ، والتي تشرب ولا تأكل فنار الشجرة ، والتي لا تأكل ولا تشرب فنار القداحة والحاجب » [٢].
ومنها : ما روي عن أبي عبد الله 7 أنّه قال الزنديق له : أخبرني عن السراج إذا انطفأ أين يذهب نوره؟ قال : « يذهب فلا يعود » قال : فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا فات وفارق الروح البدن لم يرجع إليه أبدا؟ قال : « لم تصب القياس ؛ إنّ النار في الأجسام كائنة [٣] والأجسام قائمة بأعيانها كالحجر والحديد ، فإذا ضرب
[١] « بحار الأنوار » ٥٦ : ٣٣١ ـ ٣٣٢. [٢] الحاجب ـ بالضمّ ـ : اسم رجل بخيل كان لا يوقد إلاّ نارا ضعيفة مخافة الضيفان ، فضربوا بها المثل أو غير ذلك. انظر « صحاح الجوهري » مادّة ( ح. ج. ب ). [٣] كذا في النسخ ، وفي المصدر : « كامنة ».