والغلاء ؛ فإنّ انحطاط العوض إنّما يكون رخصا إذا كان الانحطاط عمّا جرت العادة بكونه عوضا في ذلك الوقت وذلك المكان ، وكذا ارتفاع العوض إنّما يكون غلاء إذا كان الارتفاع عمّا جرت العادة بكونه عوضا في ذلك الوقت وذلك المكان.
وقد يستندان إلى الله تعالى بأن يقلّل جنس المتاع [ المعيّن ويكثّر رغبة الناس فيه فيحصل الغلاء ، أو يكثر جنس ذلك المتاع ] [١] ويقلّل رغبة الناس فيه فيحصل الرخص
( وقد يستندان أيضا إلينا ) [٢] كأن يحمل السلطان الناس على بيع تلك السلعة بثمن غال ظلما منه ، أو يحتكر الناس ، إلى غير ذلك من الأسباب المستندة إلينا ، فيحصل الغلاء ؛ والرخص بخلاف ذلك.
( والأصلح قد يجب على الله لوجود الداعي ) والقدرة [٣] ( وانتفاء الصارف ).
ذهب المعتزلة إلى أنّه يجب على الله تعالى ما هو أصلح لعباده [٤].
واستدلّوا على ذلك بأنّه يجب الفعل عند وجود الداعي والقدرة وانتفاء الصارف.
واعترض عليه بأنّ ذلك وجوب الفعل عنه ، بمعنى اللزوم عند تمام العلّة ، والمدّعى هو الوجوب عليه ، بمعنى استحقاق الذّمّ على الترك ، فأين هذا من ذلك؟
واعلم أنّ مفاسد هذا الباب أكثر من أن تعدّ وتحصى ولنذكر نبذا من ذلك :
منها : أنّ الأصلح بحال الكافر المبتلى بالأسقام والآفات أن لا يخلق ، أو يموت طفلا ، أو يسلب عنه عقله بعد البلوغ ، فلم لم يفعل الله ذلك بالنسبة إليه وأبقاه حتّى يفعل ما يوجب خلوده في النار؟
ومنها : أنّه يلزم منه أن يكون إماتة الأنبياء والأولياء والمرشدين ، وتبقية إبليس وذرّيّاته المضلّين إلى يوم الدين أصلح لعباده ، وكفى بهذا فظاعة.
[١] الزيادة أضفناها من المصدر. [٢] في « كشف المراد » : « ويستندان إليه تعالى وإلينا أيضا ». [٣] كلمة « والقدرة » غير موجودة في المصدر وفي « أ ». [٤] « شرح الأصول الخمسة » : ٥٠٧ ـ ٥٢٥ ؛ « كشف المراد » : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٦١ ـ ٢٦٢.