الإنسان لطفا لغيره من المكلّفين ، ولا يجوز أن يكون لطفا للمكلّف نفسه ؛ لأنّه بالأجل ينقطع التكليف من المكلّف ، وعند انقطاع التكليف لا يكون اللطف متحقّقا.
( والرزق ما صحّ الانتفاع به ، ولم يكن لأحد منعه منه ) فطعام البهيمة قبل أن تستهلكه بالمضغ والبلع لا يكون رزقا لها ؛ لأنّ للمالك منعها منه ، والحرام أيضا لا يكون رزقا ؛ لأنّ الله تعالى منع من الانتفاع به وما كان حلالا مباحا ، فما أتى العبد منه بنصب وتعب فالعبد هو الرازق لنفسه والله ليس رازقا له في ذلك الرزق. وأمّا ما أتاه منه بغير فعله ، فهو من الله ، والرازق له في ذلك الرزق هو الله تعالى.
( والسعي في تحصيله قد يجب ) عند الحاجة( وقد يستحبّ ) إذا طلب التوسعة على نفسه وعياله ( وقد يباح ) عند قصد تكثير المال من غير ارتكاب منهيّ عنه ( وقد يحرم ) عند ارتكاب المنهيّات كالغصب والسرقة والربا.
والرزق عند الأشاعرة هو ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان فانتفع به [١] ، فيدخل رزق الإنسان والدوابّ وغيرهما من المأكول وغيره ـ مباحا أو حراما ، مملوكا أو غير مملوك ـ ويخرج ما لم ينتفع به وإن كان السوق للانتفاع ؛ لأنّه يقال فيمن ملك شيئا وتمكّن الانتفاع به ولم ينتفع : إنّ ذلك لم يصر رزقا. وعلى هذا يصحّ « إنّ كلّ أحد يستوفي رزقه » و « لا يأكل أحد رزق غيره ، ولا الغير رزقه ».
وذهب بعضهم إلى أنّ الرزق هو ما تولّى به [٢] الحيوان من الأغذية والأشربة لا غير [٣].
( والتسعير [٤] تقدير العوض الذي يباع به الشيء ) طعاما كان أو غيره ( وهو رخص وغلاء ، ولا بدّ من اعتبار العادة واتّحاد الوقت والمكان ) في الرخص
[١] « شرح المواقف » ٨ : ١٧٢ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٣١٨. [٢] في المصدر وهامش « أ » : « يربّى به ». [٣] « شرح المواقف » ٨ : ١٧٢. [٤] في المصدر و « كشف المراد » : « والسعر ».