وقوله تعالى حكاية عن موسى 7 : ( تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )[١] معناه التوبة عن الجرأة والإقدام على السؤال بدون الإذن ، أو عن طلب الرؤية في الدنيا ، ومعنى الإيمان التصديق بأنّه لا يرى في الدنيا وإن كانت ممكنة.
وما قال بعض السلف ـ من وقوع الرؤية بالبصر ليلة المعراج [٢] ـ فالجمهور على خلافه. وقد روي أنّه سئل عليه الصلاة والسلام : هل رأيت ربّك؟ فقال : رأيته بفؤادي [٣]. وأمّا الرؤية في المنام ، فقد حكي القول بها عن كثير من السلف [٤].
ومنها : قوله تعالى لموسى 7 : ( لَنْ تَرانِي )[٥] ولن للتأبيد ، وإذا لم يره موسى أبدا ، لم يره غيره إجماعا.
والجواب : منع كون لن للتأبيد ، بل هو للنفي المؤكّد في المستقبل فقط ؛ لقوله تعالى : ( وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً )[٦] أي الموت ، ولا شكّ أنّهم يتمنّوه في الآخرة للتخلّص عن العقوبة.
ومنها : قوله تعالى : ( وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ )[٧] حصر تكليمه تعالى للبشر في الوحي إلى الرسل ، وتكليمه لهم من وراء الحجاب ، وإرساله إيّاهم إلى الأمم ليكلّمهم على ألسنتهم ، وإذا لم يره من يكلّمه في وقت الكلام ، لم يره في غيره إجماعا ، وإذا لم يره هو أصلا ، لم يره غيره أيضا ؛ إذ لا قائل بالفرق.
والجواب : أنّ التكليم وحيا قد يكون حال الرؤية ؛ فإنّ الوحي كلام يفهم بسرعة.