اسم الکتاب : كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء - ط الحديثة المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 29
من لم يبلغ الوصول إلى تلك الرتب ، كمحمّد صلىاللهعليهوآله سيّد العرب ، أمّا من لم يكن في جبّته غير الله فليس
عليه صيام ولا صلاة.
فالحمد لله
الذي أعطاكم أنبياء متعدّدين ، وأَبان غَلَطنا في أنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله خاتم النبيّين ، والشكر لله الذي بعث إليكم رسلاً لا
يعرفون أصلاً ولا فرعاً ، فلو سألت أكبرهم عن أفعال الشكّ لتحيّر ، أو عن أحكام
السهو لما تدبّر ، أو عن بعض الفروع الفقهيّة لوجدتموه جاهلاً بالكلّية.
وعلى كلّ حال
فلكم الهناء ، وقد بلغتم من معرفة الدين كلّ المنى ، ونحن لنا عليكم حقّ يجب عليكم
فيه الأداء ، ولا يتمّ ذلك إلا بإرسال هؤلاء الأنبياء ، ليعلّمونا كما علّموكم ،
ويفهّمونا كما فهّموكم ، لنصل إلى بعض ما وصلتم إليه ، ونقف على بعض ما وقفتم
عليه. حلواى تنتنانى تا نخورى نداني [١].
فأقسمت عليكم
بالله أن تطعمونا من هذه الحلواء التي ما ذاقها الأنبياء ، ولا الأوصياء ، ولا
العلماء من المتأخّرين والقدماء ، ولا وصفت أجزاؤها في كتاب منزل ولا على لسان نبي
مرسل.
فإمّا أن لا
يكونوا علموها ولا وصلوا إليها ولا فهموها ، أو وجدوها حلواء ميشومة ، بأنواع السمّ
مسمومة ، تقتل آكليها بحرارتها ، وتقطع أمعائهم لشدّة مرارتها.
والله إنّي
أُخبرت واختبرت أهل هذه الأقاويل ، فوجدتهم بين من يسلك هذه الطريقة ليتيسّر له
تحصيل ملاذّ الدنيا : من النظر إلى وجوه الأمرد الحسان ، والتوصّل إلى ضروب
العصيان ، وبين من يريد جلالة الشأن وليس من أهل العلم حتّى ينال ذلك في كلّ مكان
، فيدلّس نفسه في اسم طاعة الرحمن ، وبين ناقص عقل قد امتلأ من الجهل.
وإلا فكيف يخفى
على الطفل الصغير فضلاً عن الكبير السيرة النبويّة ، والطريقة المحمّديّة والجادّة
الإماميّة ، حتّى يشتبه عليه التدليس ، وما عليه إبليس وجنود إبليس؟! اللهم إنّي
أنذرت ، اللهمّ إنّي أخبرت ، اللهمّ إنّي وعظت ، اللهمّ إنّي نصحت ، فلا تؤاخذني
بذنوب أهل خوي وأمثالهم يا أرحم الراحمين» [٢].
[١] من الأمثال
الفارسيّة بمعنى : من لم يذق لم يدر.