أحدها: حمل المدعي في قوله: (فإن كان المدعي المالك) على مدعي فساد العقد، و إن
القول قوله بيمينه، فإن الحكمين يستقيمان حينئذ لكن فيه- مع أنه خلاف الظاهر، و إن
تقديم قول مدعي الفساد بيمينه باطل- إن مقابله و هو قوله: (و إن كان هو المستأجر.)
لا يستقيم إلا على أن المراد هنا كونه مدعيا لأصل الإجارة و أن الاختلاف فيه، لا
أنه مدع للفساد و أن الاختلاف في الصحة و الفساد، و ذلك لأن العين غير مضمونة مع
الفساد، لأن العقد الذي لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، فلا تكون أقسام المسألة
مطابقة، و لا تكون المسألة مستوفاة على واحد من التقديرين.
الثاني: حمل
قوله: (فإن كان المدعي المالك فله المطالبة) بالمتخلف من اجرة المثل، على أنه بعد
يمين المستأجر لنفي الإجارة، أو قبله أكذب نفسه في الدعوى، فإنه حينئذ يستحق أجرة
المثل بإقرار المستأجر و تصديقه إياه، فله طلب الفاضل من أجرة المثل لو كانت أزيد
من المسمى.
و حمل قوله:
(و ليس للمستأجر طلب الفاضل من المسمى لو كان) على أن المراد لو كان هو المدعي
للإجارة، و المالك هو المنكر لها، لأنه حينئذ معترف باستحقاق المسمى في مقابل
المنافع.
و هذا الحمل
فيه قبح، من حيث أن الأحكام المذكورة لا تكون متطابقة، لأن الأول حكم ما إذا أكذب
نفسه، و لم يذكر باقي أقسام إكذاب نفسه، و الثاني من أحكام قوله: (و لو كان هو
المستأجر) فيكون تقديمه عليه مخلا بنظم المسألة. مع أن المتبادر من قوله: (لو كان
خلاف ذلك) أي:
لو كان هناك
فاضل، و يكون حكم المدعي إذا لم يكذب نفسه قد أخل به، على أن حمل ذلك على إكذاب
نفسه تعسف عظيم، و ارتكاب لأمر بعيد عن ظاهر اللفظ جدا. و لا يخفى أن ارتكاب مثل
هذا يكاد يخرج به الكلام عن كونه عربيا.