الثالث: حمل المالك في قوله: (فإن كان المدعي المالك) على أن المراد به مالك
الأجرة، و أن الهاء في قوله: (فله) تعود إلى المنكر و هو مالك العين المؤجرة، و إن
لم يجر له ذكر فيستقيم حينئذ قوله: (فله المطالبة بالمتخلف من أجرة المثل)، و
قوله: (و ليس للمستأجر طلب الفاضل.)، و يكون قوله: (و لا ضمان في العين) أي: في
عين الأجرة التي فرضناها تالفة.
و ينزّل
قوله: (و إن كان هو المستأجر) على أنه بفتح الجيم، و أن المراد به المالك، أي: و
إن كان المدعي هو مالك المستأجر لم يسقط ضمان العين، أي: ضمان عين الأجرة التالفة
إن أنكر مالكها الإذن في التصرف فيها، و ليس للمستأجر المطالبة بفاضل أجرة المثل،
لإنكاره الإجارة و اعترافه باستحقاق أجرة المثل عليه.
و هذا أيضا
أقبح من الأول، و أشنع في ارتكاب ما لا ينتقل الفهم إليه أصلا، و لا ريب إن التزام
غلط العبارة و فسادها أسهل من هذه التأويلات المستهجنة.
و إذا أردنا
تحقيق المسألة قلنا: لا يخلو: إما أن يكون المدعي لوقوع الإجارة هو مالك العين، أو
المتصرف في المنافع. فإن كان الأول فإنّ القول قول المتصرف بيمينه، فإذا حلف انتفت
الإجارة و وجبت أجرة المثل. فإن كانت أزيد من المدفوع- الذي هو المسمى بزعم
المالك- لم تكن له المطالبة به، لأنه بزعمه لا يستحقه. و لو زاد المدفوع على أجرة
المثل كان للمنكر المطالبة به، لأن الواجب بزعمه عليه هو أجرة المثل، و لا ضمان في
العين المستأجرة بزعم المالك كما هو ظاهر.
و إن كان
المدعي هو المستأجر فالقول قول المالك بيمينه، فإذا حلف استحق أجرة المثل، و كانت
العين المستأجرة مضمونة على المستأجر، و لم