و إنما وجب
قضاء نصف سنة على كل واحد، لأن السنتين لا يمكن وقوعهما معاً، لأن الترتيب شرط و
لا سبيل إلى بطلان الفعلين معاً، لصلاحية كل منهما لإسقاط ما في الذمة، فتعين عدم
اعتبار أحدهما. و لمّا لم يكن لأحدهما أولوية على الآخر حكم بالتنصيف و هنا
إشكالات:
الأول: أن
الفعلين إذا وقعا دفعة فالأحوال أربعة: إجزاؤهما معاً و هو معلوم البطلان، إذ
الأمر إنما هو بفعل واحد، فلا يعقل إجزاء الفعلين مع أن الأجزاء مطابقة الفعل
للأمر، و إجزاء أحدهما بعينه دون الآخر ترجيح بلا مرجح، و لا بعينه أيضاً باطل،
لأن ما لا تعيين له في حد ذاته لا وجود له فكيف يوصف بالإجزاء، فلم يبق إلا
بطلانهما.
الثاني: أن
ما ذكره يقتضي إجزاء فعل أحدهما تارة، و فعل الآخر تارة أخرى، و هو قول بمجرد
التشهي.
الثالث:
أنهما إذا كان كل منهما عالماً بالآخر، فحال إيقاع النية لا يكون أحدهما جازماً
بأن فعله هو الواجب، و الجزم بالنية حيث يمكن شرط.
و فيه إشكال
آخر، و هو أنهما إذا كانا عالمين منهيان عن الاقتران في الفعل، و النهي في العبادة
يقتضي الفساد.
الرابع:
أنّهما إذا كانا جاهلين يجب الحكم بصحة فعلهما، و لا يقدح فوات الترتيب، لأنّه شرط
مع العلم لا مطلقاً. إلا أن يقال: إنّ عدم العلم بالترتيب إنّما يقتضي سقوطه مع
جهل المكلف به دون القاضي عن غيره.
و يشكل بأنّ
القاضي عن غيره لو نسي و صلى العصر قبل الظهر صحت و صلى الظهر كالمصلي عن نفسه
إلّا أن يقال: إنّ اشتراط الترتيب في عقد الإجارة اقتضى عدم الصحة من دونه.
و بالجملة
فالحكم في ذلك مشكل، و ليس له إلّا وجه واحد، و هو: