و تجب فيه
النيّة المشتملة على الاستباحة- دون رفع الحدث فيبطل معه- و التقرب، و إيقاعه
لوجوبه أو ندبه (1)
قوله: (الفصل
الثّالث: في كيفيته و تجب فيه النيّة المشتملة على الاستباحة دون رفع الحدث فيبطل
معه، و التقرب و إيقاعه لوجوبه أو ندبه).
[1] وجوب
النيّة في التيمّم بإجماع علماء الإسلام إلا من شذّ[1]، و يدلّ
عليه مع ذلك ظاهر الآية[2] و الحديث[3]، و لا ريب
في اعتبار قصد الاستباحة لامتناع حصولها بدون النيّة دون الرّفع، فلو اقتصر عليه
لم يصحّ لامتناع حصوله بالتيمّم، و إلّا لما بطل إلّا به، و الإجماع على أنّ
المتيمّم إذا تمكن من استعمال الماء تطهر عن الحدث السّابق.
و يحتمل
الصّحة لاستلزامه الاستباحة، فيدخل تحت النيّة، و هو ضعيف. و لو ضمّه إلى
الاستباحة لغا و صحت النيّة، و ظاهر قوله في الكتاب: (فيبطل معه) عدم الصّحة هنا
أيضا.
و في
الذّكرى: لو نوى رفع المانع من الصّلاة صحّ و كان في معنى الاستباحة[4]، و هو
عجيب، فانّ المانع هو الحدث، أعني النّجاسة الحكمية الّتي إنّما ترتفع بالوضوء أو
الغسل، نعم يرتفع به المنع من الصّلاة لحصول الإباحة به، و كأنه أراد بالمانع
المنع.
و أعجب منه
قوله في البيان: لا رفع الحدث فيبطل، إلا أن يقصد به رفع ما مضى[5]، فان الفرض
أنّه غير دائم الحدث ليكون له حدث ماض و غيره، و لو فرضناه دائم الحدث لم يكن
التيمّم رافعا لدثه الماضي و لا غيره، و في قواعده حاول كون التيمّم رافعا للحدث
مطلقا[6]، و هو غير واضح، و ما بيّن به ضعيف لا يحصل مطلوبه.
[1]
مثل الأوزاعي و الحسن بن صالح، انظر: المغني لابن قدامة 1: 286.