الندب، و هو مذهب صاحب المعتبر في الشرائع[1]، و قيل بهما مع
الرفع و الاستباحة معا، و هو مذهب أبي الصلاح[2] و جماعة[3]، و قيل
بالقربة و الوجه من الوجوب و الندب أو وجههما، و أحد الأمرين من الرفع و
الاستباحة، و هو اختيار المصنف و جمع من الأصحاب[4]، و هو
الأصح.
أما القربة،
فلأن الإخلاص يتحقق بها، و أما الوجه، فلأن الامتثال في العبادة إنما يتحقق
بإيقاعها على الوجه المطلوب، و لا يتحقق ذلك الوجه في الفعل المأتي به إلا
بالنيّة، بدليل «إنما لكل امرئ ما نوى»[5]، و منه يستفاد
اعتبار أحد الأمرين من الرفع و الاستباحة، و لا يجبان معا لتلازمهما فيما عدا
التيمم، و طهارة دائم الحدث.
إذا تقرر
ذلك، فاعلم أن المراد بالقربة اما موافقة إرادة اللَّه تعالى، أو القرب منه
المتحقق بحصول الرفعة عنده، و نيل الثواب لديه مجازا عن القرب المكاني، و إيثار
القربة لتحصيل الإخلاص، لتكرر ذكرها في الكتاب و السنة، في مثل قوله تعالى
(وَ يَتَّخِذُ مٰا يُنْفِقُ قُرُبٰاتٍ عِنْدَ اللّٰهِ وَ صَلَوٰاتِ الرَّسُولِ
أَلٰا إِنَّهٰا قُرْبَةٌ لَهُمْ)[6] و قوله عليه
السلام:
و المراد
برفع الحدث زوال المانع، أعني النجاسة الحكمية المتوهم حصولها في البدن، فانّ
الحدث يطلق عليها و على مبطلات الطهارة بالاشتراك اللفظي، و المتعقل رفعه- أي
زواله- هو الأول دون الثاني.
و أما
الاستباحة فالمراد بها طلب الإباحة، أي: زوال المنع من العبادة التي منع من فعلها
شرعا ذلك الحدث، و إنما يزول المنع بزوال المانع إذا أمكن زواله بتلك