أما إذا تطهر من المغصوبة أو جعلها مصبّا لماء الطهارة، فإن النهي حينئذ متوجه إلى
العبادة، نظرا إلى منافاتها لحق آدمي مضيق، فان رد الإناء المغصوب على مالكه واجب
على الفور، فيقتضي الفساد، كما هو مختار بعض الأصحاب في الصلاة إذا نافت حق آدمي
مضيق[1]، إلا أن يراد فعل الطهارة آخر الوقت.
و لا ريب أن
هذا أحوط، إلا أنّ الدليل لا يساعد عليه، لأن النهي في العبادة إنما يتحقق بتوجهه
إلى نفس العبادة من حيث هي، أو إلى جزئها أو شرطها، و المنهي عنه في المتنازع إنما
هو ترك الرد على المالك، لأن الأمر يقتضي الرد على وجه يمنع من نقيضه، و هو الترك.
و تحقق ترك
الرد في ضمن فرد مخصوص- كالطهارة في المثال- لا يقتضي كون الطهارة منهيّا عنها إلا
بالواسطة و العرض و ما هذا شأنه فليس بمنهي عنه من حيث هو، فلا يتطرق الفساد إلى
الطهارة. و مثله لو تطهر مكشوف العورة اختيارا مع ناظر محترم، أو أخرج الخمس، أو
الزكاة، أو الكفارة في الدار المغصوبة، أو نوى الصوم إلى غير ذلك من المسائل
الكثيرة.
قوله: (بخلاف
الطهارة في الدار المغصوبة).
[1] أي:
فإنها تبطل، و مثله لو تطهر في نفس الإناء المغصوب، و اعلم أن وجه الفرق المقتضي للبطلان
هنا دون الأول غير واضح، فإن النهي عن شغل المغصوب بالكون فيه لا يقتضي النهي عن
مقارناته التي من جملتها الطهارة، لأنها أمر خارج عن التصرف فيه، إذ هي عبارة عن
جريان الماء على البدن بفعل المكلف، و ليس للكون بها تعلق في نظر الشارع، نعم
يتخرج على القول السابق- إن تم لقائله- البطلان مع سعة الوقت لا مع ضيقه، و أكثر
المتأخرين حكموا بالبطلان هنا مطلقا، لما فيه من الزجر عن الاستيلاء على مال الغير
عدوانا، و المصير إليه هو المختار.
قوله: (لا يمزج
التراب بالماء).
[1]
منهم: السيد المرتضى في الناصريات (الجوامع الفقهية): 231، و الشهيد في الذكرى:
149.