اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 204
يؤدي إلى تقديم المضمر على المظهر» قلنا: هذا
فاسد؛ و ذلك لأنه و إن كان مقدما في اللفظ إلا أنه مؤخر في التقدير، و إذا كان
مؤخرا في التقدير جاز فيه التقديم، قال اللّه تعالى: فَأَوْجَسَ فِي
نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى [طه: 67] فالضمير في (نَفْسِهِ) عائد إلى (مُوسى) و إن كان
مؤخرا في اللفظ، إلا أنه لما كان في تقدير التأخير جاز التقديم، قال زهير:
من يلق يوما
على علّاته هرما
يلق السّماحة
منه و النّدى خلقا [30]
فالهاء في «علّاته» تعود إلى «هرم» لأنه في
تقدير التقديم؛ لأن التقدير: من يلق يوما هرما على علاته، فلما كان «هرما» في
تقدير التقديم و الضمير في تقدير التأخير وجب أن يكون جائزا، و من كلامهم «في
أكفانه لفّ الميّت» و من أمثالهم «في بيته يؤتى الحكم[1]» و تزعم
العرب أن أرنبا وجدت تمرة فاختلسها ثعلب منها، فاختصما إلى ضبّ، فقالت الأرنب: يا
أبا الحسيل، قال الضب: سميعا دعوتما، قالت: أتيناك لتحكم بيننا، قال: عادلا
حكّمتما، قالت: فاخرج إلينا، قال: في بيته يؤتى الحكم؛ فالضمير في «في بيته» يعود
إلى «الحكم» و قد تقدم عليه.
و هذا كثير في كلامهم، و قد بيّنا ذلك مستقصى
في جواز تقديم خبر المبتدأ عليه بما يغني عن الإعادة هاهنا، و اللّه أعلم.