ذهب الكوفيون إلى أن الفعل الماضي يجوز أن يقع
حالا، و إليه ذهب أبو الحسن الأخفش من البصريين. و ذهب البصريون إلى أنه لا يجوز
أن يقع حالا، و أجمعوا على أنه إذا كانت معه «قد» أو كان وصفا لمحذوف فإنه يجوز أن
يقع حالا.
أما الكوفيون فاحتجّوا بأن قالوا: الدليل على
أنه يجوز أن يقع الفعل الماضي حالا النقل و القياس:
أما النقل فقد قال اللّه تعالى: أَوْ
جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء: 90] فحصرت: فعل ماض، و هو في موضع
الحال، و تقديره: [114] حصرة صدورهم، و الدليل على صحة هذا التقدير قراءة من قرأ:
(أو جاؤوكم حَصِرَةً صدورهم) و هي قراءة الحسن البصري و يعقوب الحضرميّ و المفضّل
عن عاصم، [و] قال أبو صخر الهذليّ:
[152]
و إنّي
لتعروني لذكراك نفضة
كما انتفض
العصفور بلّله القطر
[152] هذا البيت من كلام أبي صخر الهذلي، و هو
من شواهد الرضي في باب الحال، و قد شرحه البغدادي في الخزانة (1/ 552) و ابن يعيش
(ص 247) و شرح الأشموني (رقم 429) و أوضح المسالك (رقم 253) و ابن عقيل (رقم 207)
و شرح شذور الذهب (رقم 110) و تعروني: تنزل بي و تعرض لي، تقول: عرا فلان فلانا، و
عري فلانا الأمر؛ إذا أردت أنه نزل به، و الذكرى: التذكر و الخطور بالبال، و
الهزة: الرعدة و الانتفاضة، و روى المؤلف و ابن يعيش في مكانها «نفضة» بضم النون و
سكون الفاء أو فتحها، و انتفض العصفور:
ارتعد و ارتعش، و القطر: المطر. و الاستشهاد به
ههنا في قوله «بلله القطر» حيث وقعت-
[1] انظر في هذه المسألة: شرح المفصل (ص 246
و ما بعدها) و شرح الرضي على الكافية (1/ 195) و خزانة الأدب (1/ 552 بولاق).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 205