ذهب الكوفيون إلى أن المفعول معه منصوب على
الخلاف، و ذلك نحو قولهم «استوى الماء و الخشبة، و جاء البرد و الطّيالسة». و ذهب
البصريون إلى أنه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسّط الواو. و ذهب أبو إسحاق الزّجّاج
من البصريين إلى أنه منصوب بتقدير عامل، و التقدير: و لابس الخشبة، و ما أشبه ذلك؛
لأن الفعل لا يعمل في المفعول و بينهما الواو. و ذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن ما
بعد الواو ينتصب بانتصاب «مع» في نحو «جئت معه».
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إنه منصوب على الخلاف و ذلك لأنه إذا قال «استوى الماء و الخشبة» لا يحسن تكرير
الفعل فيقال: استوى الماء و استوت الخشبة؛ لأن الخشبة لم تكن معوجّة فتستوي، فلما
لم يحسن تكرير الفعل كما يحسن في «جاء زيد و عمرو» فقد خالف الثاني الأول، فانتصب
على الخلاف كما بينّا في الظرف نحو: «زيد خلفك» و ما أشبه ذلك.
و الذي يدل على أن الفعل المتقدم لا يجوز أن
يعمل فيه أنّ نحو استوى و جاء فعل لازم، و الفعل اللازم لا يجوز أن ينصب هذا النوع
من الأسماء؛ فدل على صحة ما ذهبنا إليه.
و أما البصريون فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا
إن العامل هو الفعل و ذلك لأن هذا الفعل و إن كان في الأصل غير متعدّ إلا أنه قوي
بالواو فتعدى إلى الاسم فنصبه كما عدّي بالهمزة في نحو «أخرجت زيدا» و كما عدّي
بالتضعيف نحو «خرّجت المتاع» و كما عدّي بحرف الجر نحو [111] «خرجت به» إلا أن
الواو لا تعمل؛ لأن الواو في الأصل حرف عطف، و حرف العطف لا يعمل، و فيه معنيان
العطف
[1] انظر في هذه المسألة: شرح الأشموني (2/
395) و حاشية الصبان (2/ 119) و تصريح الشيخ خالد (1/ 415) و شرح المفصل (ص 222 و
ما بعدها) و شرح الرضي على الكافية (1/ 180).
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 200