responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 201

و معنى الجمع، فلما وضعت موضع «مع» خلعت عنها دلالة العطف و أخلصت للجمع كما أن فاء العطف فيها معنيان: العطف، و الإتباع؛ فإذا وقعت في جواب الشرط خلعت عنها دلالة العطف و أخلصت للاتباع، و كذلك همزة الخطاب في «هاء يا رجل» فإنها إذا ألحقتها الكاف جردتها من الخطاب؛ لأنه يصير بعدها في الكاف، و نظير ما نحن فيه من كل وجه نصبهم الاسم في باب الاستثناء بالفعل المتقدم بتقوية «إلا» فكذلك هاهنا: المفعول معه منصوب بالفعل المتقدم بتقوية الواو، على ما بيّنا، و هذا هو المعتمد عند البصريين.

و أما ما ذهب إليه الزّجّاج من أنه منصوب بتقدير عامل، و التقدير و لابس الخشبة لأن الفعل لا يعمل في المفعول و بينهما الواو. قلنا: هذا باطل؛ لأن الفعل يعمل في المفعول على الوجه الذي يتعلق به، فإن كان يفتقر إلى توسط حرف عمل مع وجوده و إن كان لا يفتقر إلى ذلك عمل مع عدمه، و قد بيّنا أن الفعل قد تعلق بالمفعول معه بتوسط الواو، و أنه يفتقر في عمله إليها، فينبغي أن يعمل مع وجودها، فكيف يجعل ما هو سبب في وجود العمل سببا في عدمه؟ و هل ذلك إلا تعليق على العلة ضدّ المقتضى؟ و لو كان لما ذهب إليه وجه لكان ما ذهب إليه الأكثرون أولى؛ لأن ما ذهب إليه يفتقر إلى تقدير، و ما ذهب إليه الأكثرون لا يفتقر إلى تقدير، و ما لا يفتقر إلى تقدير أولى مما يفتقر إلى تقدير.

و أما ما ذهب إليه الأخفش من أنه ينتصب انتصاب «مع» فضعيف أيضا؛ لأن «مع» ظرف، و المفعول معه في نحو «استوى الماء و الخشبة، و جاء البرد و الطيالسة» ليس بظرف، و لا يجوز أن يجعل منصوبا على الظرف.

و أما الجواب عن كلمات الكوفيين: أما قولهم «إنه منصوب على الخلاف؛ لأنه لا يحسن تكرير الفعل؛ فخالف الثاني الأول، فانتصب على الخلاف» قلنا: هذا باطل بالعطف الذي يخالف بين المعنيين نحو قولك: «ما قام زيد لكن عمرو، و ما مررت بزيد لكن بكر» و ما بعد لكن يخالف ما قبلها، و ليس بمنصوب، فإن لكن يلزم [112] أن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها على كل حال، سواء لزمت العطف في النفي عندنا أو جاز بها العطف في الإيجاب عندكم؛ فلو كان كما زعمتم لوجب أن لا يكون ما بعدها إلا منصوبا لمخالفته الأول، و إذا كان الخلاف ليس موجبا للنصب مع «لكن»- و هو حرف لا يكون ما بعده إلا مخالفا لما قبله- فلأن لا يكون موجبا للنصب مع الواو التي لا يجب أن يكون ما بعدها مخالفا لما قبلها كان ذلك من طريق‌

اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين المؤلف : ابن الأنباري    الجزء : 1  صفحة : 201
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست