اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 43
و على معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. و أفضل العلوم العلم باللّه
تعالى، و أجلّ الأشياء هو اللّه تعالى، و اللّه سبحانه لا يعرفه كنه معرفته غيره،
و جلالة العلم بقدر جلالة المعلوم، فهو الحكيم حقّا؛ لعلمه بأجلّ الأشياء بأجلّ
علم.
و المراد
بالحكمة في هذا المقام المعنى الثاني و إن دخلت في العدل، و من ثمّ سمّي الباب
الباحث عن ذلك في الكلام بباب العدل، و هي بالمعني الأوّل داخلة في العلم، و
بالمعني الأخير علم خاص قوي.
و يترتّب
على وجوب اعتقاد كونه تعالى عدلا أنّه لا يفعل القبيح و لا يرضى به، فما يصدر منّا
من القبائح مستند[1] إلى قدرتنا و اختيارنا و إن كانت القدرة من فعل اللّه
تعالى، فإنّ فاعل الآلة ليس فاعلا لما يصدر بواسطتها من القتل و الضرب، و اللّه
منزّه عن ذلك.
و يتفرّع
على عدم إخلاله بالواجب أو عليهما معا تكليف المكلّفين، و أثابه المطيعين، و إرسال
المرسلين، و إنزال الكتب مبشرّين و منذرين.
الثامن: لا ريب في اعتبار
تقديم التصديق بنبوّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أمام الصلاة
، بل هو شرط
الإسلام، و لكن القدر الواجب منه هل هو مجرّد اعتقاد نبوّته صلّى اللّه عليه و
آله، كما هو ظاهر العبارة، أم لا بدّ مع ذلك من اعتقاد عصمته و طهارته و ختمه
للأنبياء، و نحو ذلك ممّا يتفرّع على النبوة من الأحكام و يلزمها من الشرائط؟
ليس ببعيد
الاكتفاء بالأوّل.
أما في
الإسلام فظاهر؛ لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا
إله إلّا اللّه و إنّي رسول اللّٰه، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم
إلّا بحقها»[2]، و لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يكتفي من
الأعراب و طالب الإسلام بذلك.
و أما في
الصلاة فلما ذكر، و قد كانوا يصلّون بعد ذلك و لم يأمرهم بإعادتها،