اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 42
و كأنّه ردّ الكراهة إلى الإرادة؛ لأنّها إرادة الترك، و جعل مرجع السادسة
إلى السرمدية كما في التجريد، أو إلى بعضها و هو البقاء، كما في العدد الثاني.
و كيف كان
ففي تحقيق العدد الذي لا بدّ من اعتباره في التوحيد نظر؛ لأنّه إن روعي في ذلك
ظاهر هذه الصفات و أسمائها المختلفة وجب اعتبار الكل، و إن نظر إلى الأصل الذي
يرجع إليه كفى معرفة القدرة و العلم، لرجوع الكراهة و الإرادة و السمع و البصر و
الإدراك إلى العلم، و الكلام إلى القدرة، بل الكل راجع إلى وجوب الوجود، كما مرّ.
و التحقيق:
أنّ كلّ صفات اللّه تعالى الثبوتية و غيرها اعتبارات تحدثها عقولنا عند مقايسة
ذاته تعالى إلى غيرها، و إلّا فذاته المقدّسة لا تركيب فيها و لا صفة لها زائدة
عليها، و الكلّ راجع إلى كمال الذات المقدّسة و غنائها. لكن لمّا كانت عقول الخلق
على مراتب من التفاوت، لوحظت له هذه الصفات و الاعتبارات؛ ليتوصّل بها الخلق[1] إلى معرفته
على حسب استعدادهم، ثم ينتهي قولهم عند إحاطتها بحقائق هذه الأشياء و مطالعتها
لأنوار كبريائه، إلى أن تعتبر ذاته المقدّسة من غير ملاحظة شيء آخر، كما قال على
عليه السّلام: «و تمام توحيده نفي الصفات عنه؛ لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف،
و شهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة»[2].
فعلى هذا لا
حرج في اختلاف هذه الأعداد، فإنّ مرجعها إلى اعتبار المعتبر، و الغرض منها التقريب
إلى أفهام أهل التوحيد بحسب تفاوتهم في مراتبهم، و المرجع واحد عند تحقيق الحال،
فكلّ واحد من هذه الأعداد مجزي في أصل التوحيد، و مؤد للواجب إن شاء اللّه تعالى.
السابع: المراد بالعدل المنسوب
إليه تعالى
- بحيث صار
باعتباره عادلا- ما قابل الجور و الظلم، و بكونه عدلا أنّه لا يفعل القبيح و لا
يخلّ بالواجب.
و أما
الحكمة فتطلق على معرفة الأشياء و العلم بحقائقها، و على الترك للقبيح،