اسم الکتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 309
به ما أفهم من الأفعال المعتلّة الطرفين إذا أمر منها، و إن بقيت
الكلمة على حرف واحد مثل (ق) و (ع) و (ش) و (د) أمر من (وقى) و (وعى) و (وشي) و
(ودى)؛ لصدق اسم الكلام عليه لغة و عرفا، بل هو كلام عند أهل العربيّة فضلا عن
الكلمة؛ لتضمّنه الإسناد. و لا يلحق به الحرف الواحد اتفاقا و إن سمّي كلمة.
و لا فرق في
البطلان بالحرفين بين كونهما مستعملين لغة لمعنى أو مهملين، و لا بين كون ذلك
لمصلحة الصلاة أو غيرها، أو لا لمصلحة حتى لو تحقّقا من التنحنح و غيره ممّا يسوغ
فعله في الصلاة بطلت على المشهور، و مثله الحرف بعده مدّة، و هي الحاصلة من إشباع
الضمّ أو الفتح أو الكسر على حرف المدّ، فإنّ المدّة إمّا ألف أو واو أو ياء، و
تسمّيتها مدّة لا يخلّ بكونها حرفا مضافا إلى الحرف الممدود، كذا قرّره المصنّف[1] و جماعه[2] و اختاروه.
و فيه نظر،
فإنّ النصّ ليس واردا بإبطال الصلاة بالحرفين على الخصوص، و إنّما ورد على الكلام[3] كما يعلمه
من اعتبر مستند الحكم.
و حينئذ
نقول: الكلام إن أخذ بالمعنى المصطلح عليه بين أهل العرف الخاصّ، و هو أهل
العربيّة، لم يتم الحكم بكون الحرفين الخارجين من التنحنح و شبهه مبطلين للصلاة؛
لاشتراط الدلالة الوضع في الكلمة، فضلا عن الكلام، و هما ليسا موضوعين لمعنى و لا
دالّين عليه، بل إن دلّا على شيء فإنّما هي دلالة طبيعيّة، لا وضعيّة لفظيّة
كدلالة (أخ) على أذى الصدر. و أما الحرف بعده مدّة فمنه ما هو كذلك مثل (عا) (كا)،
و منه ما هو موضوع لمعنى مثل (با) (تا) (ثا) علما على الحروف المخصوصة، فلا يصحّ
الحكم عليه بكونه مبطلا على الإطلاق، و لا غير مبطل.
و إن أخذ
بالمعنى اللغويّ، فليس فيه ما يدلّ على خلاف ذلك، فالمصير إليه متعيّن، و مقتضاه
حينئذ عدم البطلان بما يخرج من الحرفين بسبب التنحنح و النفخ و نحوهما.