اسم الکتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (سلطان العلماء) المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 6
الابتداء يعتبر في العرف ممتدا من حين الأخذ في التصنيف إلى الشروع
في المقصود فيقارنه التسمية و التحميد و نحوهما و لهذا يقدر الفعل المحذوف في
أوائل التصانيف أبتدئ- سواء اعتبر الظرف مستقرا أم لغوا لأن فيه امتثالا للحديث
لفظا و معنى- و في تقدير غيره معنى فقط.
و قدم
التسمية اقتفاء لما نطق به الكتاب و اتفق عليه أولو الألباب و ابتدأ في اللفظ باسم
الله لمناسبة مرتبته في الوجود العيني لأنه الأول فيه فناسب كون اللفظي و نحوه
كذلك و قدم ما هو (ج 1/ ص 9) الأهم و إن كان حقه التأخر باعتبار
المعمولية للتنبيه على إفادة الحصر- على طريقه
إِيّٰاكَ نَعْبُدُ و نسب الحمد إليه تعالى باعتبار لفظ الله- لأنه اسم
للذات المقدسة بخلاف باقي أسمائه تعالى لأنها صفات كما مر- و لهذا يحمل عليه و لا
يحمل على شيء منها و نسبة الحمد إلى الذات- باعتبار وصف تشعر بعليته و جعل جملة
الحمد فعلية لتجدده حالا- فحالا بحسب تجدد المحمود عليه و هي خبرية لفظا إنشائية
معنى للثناء على الله تعالى بصفات كماله و نعوت جلاله و ما ذكر فرد من أفراده.
و لما كان
المحمود مختارا مستحقا للحمد على الإطلاق اختار الحمد على المدح و الشكر- استتماما
لنعمته نصب على المفعول له تنبيها على (ج 1/ ص 10) كونه من
غايات الحمد و المراد به هنا الشكر لأنه رأسه و أظهر أفراده و هو ناظر إلى قوله
تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ (1)- لأن الاستتمام
طلب التمام و هو مستلزم للزيادة و ذلك باعث على رجاء المزيد و هذه اللفظة مأخوذة
من كلام علي ع في بعض خطبه- (2) و النعمة هي المنفعة الواصلة إلى الغير على جهة
الإحسان إليه- و هي موجبة للشكر المستلزم للمزيد و وحدها للتنبيه على أن نعم الله
تعالى أعظم من أن تستتم على عبد فإن فيضه غير متناه كما و لا كيفا- و فيها يتصور
طلب تمام النعمة التي تصل إلى القوابل بحسب استعدادهم- و الحمد فضله أشار إلى
العجز عن القيام بحق النعمة لأن الحمد (ج 1/ ص 11) إذا كان من جملة
فضله فيستحق عليه حمدا و شكرا فلا ينقضي ما يستحقه من المحامد لعدم تناهي نعمة و
اللام في الحمد يجوز كونه للعهد الذكري- و هو المحمود به أولا و للذهني الصادر عنه
أو عن جميع الحامدين- و للاستغراق لانتهائه مطلقا إليه بواسطة أو بدونها فتكون كل
قطرة من قطرات بحار فضله و لمحة من لمحات جوده و الجنس و هو راجع إلى السابق
باعتبار.
[1]
إبراهيم: الآية 7.
[2] نهج
البلاغة 1/ 22 طبع مصر.
اسم الکتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (سلطان العلماء) المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 6