اسم الکتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (سلطان العلماء) المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 5
الحمد لله الذي شرح صدورنا بلمعة من شرائع الإسلام كافية في بيان
الخطاب و نور قلوبنا من لوامع دروس الأحكام بما فيه تذكرة و ذكري لأولي الألباب و
كرمنا (1) بقبول منتهى نهاية الإرشاد و غاية المراد في المعاش و المآب و الصلاة على
من أرسل لتحرير قواعد الدين (ج 1/ ص 4) و تهذيب مدارك الصواب محمد الكامل في مقام الفخار الجامع من سرائر
الاستبصار للعجب العجاب و على آله الأئمة النجباء و أصحابه الأجلة الأتقياء خير آل
و أصحاب و نسألك اللهم أن تنور قلوبنا بأنوار هدايتك- و تلحظ وجودنا بعين عنايتك
إنك أنت الوهاب. (ج 1/ ص 5) و
بعد فهذه تعليقة لطيفة و فوائد خفيفة أضفتها إلى المختصر الشريف و المؤلف المنيف
المشتمل على أمهات المطالب الشرعية- الموسوم باللمعة الدمشقية من مصنفات شيخنا و
إمامنا المحقق البدل النحرير المدقق الجامع بين منقبة العلم و السعادة و مرتبة
العمل و الشهادة- الإمام السعيد أبي عبد الله الشهيد محمد بن مكي أعلى الله درجته
كما شرف خاتمته جعلتها جارية له مجرى الشرح الفاتح لمغلقه و المقيد لمطلقه و
المتمم لفوائده و المهذب لقواعده ينتفع به المبتدي و يستمد منه المتوسط و المنتهى
تقربت بوضعه إلى رب الأرباب و أجبت به ملتمس بعض فضلاء الأصحاب أيدهم الله تعالى
بمعونته و وفقهم لطاعته اقتصرت فيه على بحث الفوائد و جعلتهما ككتاب واحد و سميته
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية سائلا من الله جل اسمه أن يكتبه في صحائف
الحسنات و أن يجعله وسيلة إلى رفع الدرجات و يقرنه برضاه و يجعله خالصا من شوب
سواه فهو حسبي و نعم الوكيل. (ج 1/ ص 6) قال المصنف قدس الله لطيفه و أجزل تشريفه
[مقدمة المصنف]
بسم الله
الرحمن الرحيم- الباء للملابسة و الظرف مستقر حال من ضمير أبتدئ الكتاب كما في
دخلت عليه بثياب السفر أو للاستعانة و الظرف لغو كما في كتبت بالقلم و الأول أدخل
في التعظيم و الثاني لتمام (ج 1/ ص 7) الانقطاع لإشعاره
بأن الفعل لا يتم بدون اسمه تعالى و إضافته إلى الله تعالى دون باقي أسمائه لأنها
معان و صفات و في التبرك بالاسم أو الاستعانة به كمال التعظيم للمسمى فلا يدل على
اتحادهما بل دلت الإضافة على تغايرهما- و الرحمن و الرحيم اسمان بنيا للمبالغة من
رحم كالغضبان من غضب و العليم من علم و الأول أبلغ لأن زيادة اللفظ تدل على زيادة
المعنى و مختص به تعالى لا لأنه من الصفات الغالبة لأنه يقتضي جواز استعماله في
غيره تعالى بحسب الوضع و ليس كذلك لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة
غايتها و تعقيبه بالرحيم من قبيل التتميم (ج 1/ ص 8) فإنه لما دل على
جلائل النعم و أصولها ذكر الرحيم ليتناول ما خرج منها- الله أحمد جمع بين
التسمية و التحميد في الابتداء جريا على قضية الأمر في كل أمر ذي بال فإن
[1]
اى دون ساير المخلوقات فانّ غير الانسان من اصناف المخلوقات ليس بقابل للترقى و
الرفع من مقامه الذى خلق فيه بالارشاد، لانّ لكل واحد من اصناف المخلوقات حتى
الملائكه مقاما معلوما و حدّا محدودا لا يمكن لهم التجاوز من المرتبة التى خلقت
لهم الّا مرتبة اعلى منها لفقدان موجب الترقى و الترفع لهم و هو استعداد الارشاد
بالاحكام الشرعية و التخلى من الاوصاف الرذيلة الذميمة البهيمية، و التحلى
بالاخلاق الرفيعة الحميدة الروحانية، و اعلم انّ من افراد الناس ايضا من عمل بمقتضى
الارشاد بالاحكام الشرعية التى هى بمنزلة المقدمات لنتايج تيسر له التجاوز من
مرتبة الجهل و الحرمان الّا مرتبة العلم و العرفان الذى هو كالنتيجة للاحكام و صار
اعلى قدرا من الملائكة و مصداقا لقوله تعالى «وَ لَقَدْ
كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ» و من لم يعمل بمقتضى الارشاد ازال
استعداده و يقوى جهله و صار دون مرتبته و مصداقا لقوله تعالى «كَمَثَلِ
الْحِمٰارِ يَحْمِلُ أَسْفٰاراً» اى احمال الاحكام.
اسم الکتاب : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية (سلطان العلماء) المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 5