اسم الکتاب : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 5 صفحة : 49
الخاص و العام، و بين مصنّفي غريب الأحاديث من أهل اللغة كالمبرّد و
أبي عبيدة و غيرهما، فإنّ المبرّد ذكر ذلك في كامله، فلا يتوهم متوهم أنّ المراد
بقوله- عليه السلام-: «لا يجوز أن يبيع حاضر لباد» معناه: لا يبيع الحاضر للبادي،
أو لا يبيع الحاضر على البادي. قال: و هذا لا يقوله من له أدنى تحصيل، فانّي شاهدت
بعض متفقّهة أصحابنا و قد اشتبه عليه ذلك و قال: المراد به ما أوردته أخيرا: من
أنّه لا يبيع حاضر شيئا على باد، و هذا غاية الخطأ و من أفحشه، و هل يمنع من أن
يبيع حاضر على البادي أحد من المسلمين؟! و لو أراد ذلك- عليه السلام- لما قال: «و
لا يجوز أن يبيع حاضر لباد» بل كان يقول:
«و لا يجوز
أن يبيع حاضر على باد» فلمّا قال: «لباد» دلّ عليه أنّه لا يكون سمسارا له. قال: و
وجدت بعض المصنّفين قد ذكر في كتاب له قال: «نهي أن يبيع حاضر لباد» و معنى هذا
النهي- و اللّه أعلم- معلوم من ظاهر الخبر: و هو الحاضر للبادي، يعني: متحكّما
عليه في البيع بالكره، أو بالرأي الذي يغلب به عليه- يريد أنّ ذلك نظر له-، أو يكون
البادي يوليه عرض سلعته فيبيع دون رأيه، و ما أشبه ذلك. فأمّا إن دقع البادي سلعته
الى الحاضر ينشرها للبيع و يعرضها و يستقصي ثمنها ثمَّ يعرّفه مبلغ الثمن فيلي
البادي البيع بنفسه أو يأمر من يلي ذلك له بوكالته فذلك جائز، و لي في هذا من ظاهر
النهي شيء، لأن ظاهر النهي إنّما هو أن يبيع الحاضر للبادي، فإذا باع البادي
بنفسه فليس هذا من ذلك بسبيل كما يتوهمه من قصر فهمه، قال: هذا آخر الكلام أحببت
إيراده هنا ليوقف عليه، فإنّه كلام محصّل سديد في موضعه. فأمّا المتاع الذي يحمل
من بلد الى بلد ليبيعه السمسار و يستقصي في ثمنه و يتربّص فإنّ ذلك جائز، لأنّه لا
مانع منه، و ليس كذلك في البادية[1].