أقول: المسألة بحالها، و لا يمكنه الخروج من
النار إلّا بقتل نفسه، فإذا قتل نفسه احتمل عدم الضمان، لما قلناه من أنّه لم يتلف
بالنار، و انّما تلف بفعله.
و من انّه
اضطرّه الى المهلك. و الإشكال هنا أقوى، لأنّه باشر إزهاق نفسه، بخلاف الماء فإنّه
قد لا يغرق بخروجه إليه.
قوله رحمه
اللّه: «و لو غرّقه آخر لقصد التخليص من التلف أو من زيادة الألم
فالأقرب الحوالة بالضمان على الأوّل».
أقول: وجه القرب
انّ الأوّل متعدّ بإلقائه إلى النار، و الثاني مخلّص قصد إنقاذه من الهلاك فاتفق
هلاكه بغير اختياره، أو انّه أزال عنه أكثر[1] الآلام. و في
الصورتين هو محسن، و قد قال اللّه تعالى مٰا عَلَى
الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ[2] فكان الضمان على
المتعدّي.
قوله رحمه
اللّه: «و كذا لو قصده فترك شدّه على إشكال».
أقول: قد فرّق
الفقهاء بين تلفه بعد الإلقاء في النار مع قدرته على التخلّص، و بين ما إذا جرحه
فترك المداواة للجرح حتى مات، كما ذكره المصنّف رحمه اللّه و غيره من انّ الملقى
في النار لم يتلف بمجرّد الإلقاء بل بالإحراق المتجدّد المستند الى لبثه و هو من
فعله، بخلاف من ترك مداواة الجرح، فانّ التلف منها ليس بترك