و من انتفاء المقتضي لوجوب الضمّ، و هو دعوى المدّعي مع تعذّر العلم
بجوابه، و ها هنا علم بالإيصاء به عند الموت.
قوله رحمه
اللّه: «و كذا أقام شاهدا واحدا و إن كان عدلا، و قيل: له حبسه و
المطالبة بكفيل، لقدرته على إثبات حقّه باليمين فيحبس الى أن يشهد آخر، و ليس
بجيد».
أقول: هذا القول
المحكي هو قول الشيخ في المبسوط فإنّه قال في آخر فصل الرجوع عن الشهادة: و إن أتى
بشاهد واحد و قال: احبسه حتى أتى بآخر، منهم من قال على قولين كالقصاص و النكاح، و
منهم من قال: يحبس لا محالة. قال: و هو الأقوى عندي، لأنّ الشاهد مع اليمين حجة في
الأموال، لأنّه قادر على أن يحلف و يستحقّ فلهذا حبسناه، و ليس كذلك في العتق و
القصاص، لأنّ الشاهد الواحد ليس حجة فلهذا لم نحبسه و كلّ موضع حبسناه بشاهدين فلا
يزال في الحبس حتى تبيّن عدالتهما أو جرحهما، و كلّ موضع حبس بشاهد واحد لم يحبس
أبدا، و يقال للمشهود له: إن جئت بعد ثلاث و إلّا أطلقناه[1].
و المصنّف
قال: هذا القول ليس بجيد، لأنّ حبسه عقوبة، و لم يثبت عند الحاكم سبب يوجب
العقوبة، و لا يلزم من كون الشاهد الواحد حجة مع انضمام اليمين كونه حجة مطلقا، و
لهذا لا يلزم من قدرته على اليمين وجودها، و الحجة انّما هي وجود اليمين عقيب
شهادة الشاهد لا قدرة المدّعي على إيجاد اليمين.
[1]
المبسوط: كتاب الشهادات فصل في الرجوع عن الشهادة ج 8 ص 255.