اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 77
بالفعل. فالصور البصرية ليست في مادة خارجية، و لا أيضا انطبعت في
آلة الابصار؛ و انّما هى مثل معلقة قائمة لا في محل و مادة بل لمبدإ فاعلى نورى. و
اما وجود الصورة في الخارج فهى من الشرائط و المعدّات لحصول تلك الصورة المجردة في
صقع النفس. و الكلام في كون تلك الصورة حسّا و حاسّة و محسوسة كالكلام في كون
الصورة العقلية عقلا و عاقلا و معقولا، و كذا في غيرها من الادراكات الحسّية و
الخيالية و العقلية.
قال المعلم الاول في كتاب «اثولوجيا»: «ينبغىان يعلم ان البصر انّما ينال الاشياء الخارجة منه، و لا ينالها حتى
يكون بحيث يكون هو [هى]، فيحسّ حينئذ و يعرفها معرفة صحيحة على نحو قوّته. كذلك
المرء العقلى اذا ألقى بصره على الأشياء لم ينلها حتّى يكون هو و هي[1]شيئا واحدا الّا أنّ البصر يقع على خارج
الاشياء و العقل على باطن الاشياء، فلذلك يكون توحده معها بوجوه، فيكون مع بعضها
اشدّ و اقوى من توحّد الحس بالمحسوسات. و البصر كلّما اطال النظر الى الشيء
المحسوس أضرّ به المحسوس حتى يصير خارجا عن الحس [أى] لا يحسّ شيئا. و امّا البصر
العقلى فيكون على خلاف ذلك.»[2]انتهى كلامه.
و اعلم: ان بهذا المسلك الّذي سلكناه في باب العلم- عناية من اللّه
تعالى و تأييده- يندفع اشكالات كثيرة و لا يرد عليه أيضا ما يرد على القول بارتسام
صور الاشياء في ذاته تعالى و انطباعها فيه، و كذلك القول بانطباع تلك الصور في
ادراك[3]العقول في ذوات
تلك العقول؛ فان التعقل لو كان بارتسام الصور العقلية في ذات العاقل يلزم مفاسد
شنيعة في علم البارى- جلّ اسمه- مذكورة في الكتب[4]، و يلزم أيضا من كون صورة الجوهر المنطبعة في
الجوهر العاقل كون صورة واحدة مندرجة تحت مقولتين بالذات مقولة الجوهر و مقولة
الكيف، و كذا من انطباع