اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 76
فصل [4] فى امعان النظر في هذا المنهاج و الاشارة الى علم اللّه
تعالى بالاشياء الممكنة
قد علمت ان قياس العقل الى المعقولات قياس الحسّ الى المحسوسات، و ان
ليس الاحساس- كالابصار مثلا- عبارة عن اخذ صورة المحسوس من مادة، و لا ان البصر
يأخذ من المبصر شيئا ينتقل إليه بعينه من مادة[1]الى مادة البصر لما تبيّن من استحالة انتقال المنطبعات من
موضع[2]الى موضوع، و
لا أيضا معناه حركة قوة الحاسّة كالباصرة نحو صورة المحسوس الموجودة في مادة[3]، كما زعمه[4]اصحاب الشعاع في باب الابصار. و لا أيضا بمجرد اضافة وضعية
للحاسّة، و لا باضافة علمية للنفس الى تلك الصورة المادية، كما ذهب إليه
الاشراقيون في باب الابصار و قوم كالفخر الرازى في باب الادراك مطلقا. فانّ هذه
الآراء الثلاثة كلّها باطلة عندنا، كما بيّنّاه في موضعه؛ سيما مذهب الاضافة، فانّ
الاضافة الوضعية الى الاجسام و ما فيها ليست علما بها و ادراكا لها، و الاضافة
العلمية من الجواهر العقلى لا يمكن و لا يتصور بالقياس الى ذوات الاوضاع المادية،
و قد مرّت الاشارة الى برهان عام على ان شيئا من ذوات الاوضاع المادية لا يمكن ان
يكون مدركة بأىّ ادراك كان الا من طريق العلم المحيط بأسبابها و عللها.
بل الحقّ عندنا في باب الابصار و غيره من انواع الادراكات انّها يحصل
بانشاء صورة نورية ادراكية من عالم النفس على طريق الفيض الابداعى، فيحصل بها
الادراك و الشعور بالاشياء. و تلك الصور ان كانت حسية فهى الحاسّة و المحسوسة