اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 75
فى كل طور وجودى متحدة مع طائفة من موجودات ذلك الطور الوجودى. فهى
مع البدن طبيعة بدنية، و مع الحسّ حسّ، و مع الخيال خيال، و مع العقل عقل،وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ
تَمُوتُ[1]. فاذا اتحدت مع
الطبيعة صارت عين الاعضاء، و اذا اتّحدت مع الحسّ بالفعل صارت عين المحسوسات التى
حصلت للحواس بالفعل، و اذا كانت مع الخيال بالفعل تصير عين الصور المتخيّلة له، و
هكذا الى ان ترتقى الى مقام العقل بالفعل، فتصير عين الصور العقلية التى حصلت لها
بالفعل.
و الحكمة في ذلك ان اللّه تعالى لمّا جعل في الوجود وحدة عقلية هى
عالم العقل، و كثرة جسمانية هى عالم الحسّ و التخيّل على مراتبها، اقتضت العناية[2]الالهية بايجاد نشأة جامعة يدرك بها ما
في العالمين، فرتّب لها قوة لطيفة تناسب بذاتها تلك الوحدة الجامعة، فيمكن بتلك
المناسبة من إدراكها و هو العقل الفعّال؛ و قوة اخرى جسمانية او مادية تناسب
بذواتها تلك الكثرة الجسمانية فيدركها من حيث هى هى؛ لكن النفس في مبادي تكوّنها
تغلب عليها لقصورها و نقصها[3]جهة
الكثرة الجسمانية، و يكون وحدتها العقلية امرا بالقوة، و كثرتها الجسمانية[4]امرا بالفعل، فاذا قويت ذاتها و اشتدّت
فعليّتها غلبت عليها جهة الوحدة، فصارت عقلا و معقولا بعد أن كانت حسّا و محسوسا.
فللنفس حركة جوهرية من هذه النشأة الاولى الى النشأة الثانية و ما بعدها.