اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 74
فصل [3] فى تسديد ما أصّلناه و تأكيد ما قرّرناه
و اعلم ان حال النفس في مراتب ادراكاتها الحسّية و الخيالية و
العقلية ليس كما اشتهر عند الجمهور و في الكتب مذكور من انّ النفس واحدة ذاتا و
درجة، و المدركات متفاوتة وجودا، متخالفة تجرّدا و تجسّما. بل الحقّ ان كل قوة
ادراكية فهى بعينها صورتها المدركة اذا كانت مدركة بالفعل.
و المشهور عندهم ان النفس تجرّد الصور الحسّية و تنزعها عن موادها
تجريدا ما، فتصير محسوسة بالفعل، ثمّ تجرّدها تجريدا اتم، فتصير متخيّلة بالفعل،
ثم تجرّدها تجريدا بالكليّة، فتصير معقولة بالفعل، و النفس في ذاتها هى كما هى في
أوّل الامر من غير انتقال لها من كونها حسّية الى كونها خيالية و من كونها خيالية
الى كونها عقلية. فجعلوا النفس ساكنة، و مدركاتها منتقلة مستحيلة. و ليس الامر
كذلك، بل الامر بالعكس مما ذكروه. فأولى في الصواب[1]ان يجعل تفاوت الصور الادراكية في مراتب التجريدات و
الاستكمالات[2]تابعة
لاستحالات المدرك، اذ المغمور في الغواشى المادية لا يمكن له ادراك الصورة الغير
المغشّاة بها، و ظهور[3]كل حقيقة نوعية
كالانسان مثلا على القوة العاقلة تارة بصورة وحدانية عقلية، و على الحواس تارة
اخرى بصور مخالفة متكثرة ليس بأن يدلّ على ان يكون النفس في اطوارها[4]الوجودية تابعة لحركاتها أولى من ان يجعل
اختلافها و حركاتها تابعة لاختلاف احوال النفس و استحالاتها؛ بل هذا أولى و أنسب.
فانظر ايّها العاقل الذكى في امر النفس و اطوارها و نشئاتها الوجودية
و كونها