اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 278
[تمثيل]
ان اردت مثالا لان تعلم به كيفية كون الافعال الصادرة عن العباد هى
بعينها فعل الحقّ، لا كما يقوله الجبرى، و لا كما يقوله القدرى، و لا كما يقوله
الفلسفى، فانظر الى افعال الحواس و القوى التى للنفس الناطقة[1]التى خلقه اللّه مثالا له تعالى ذاتا و صفة و فعلا، لقوله
عليه السّلام: من عرف نفسه فقد عرف ربّه.[2]فان التحقيق عند النظر العميق ان فعل كل حاسة و قوة- من حيث
هو فعل تلك القوة- فعل النفس.
فالابصار مثلا فعل البصر، و كذا السماع فعل السمع بلا شك، لانه لا
يمكن[3]شيء منها الّا
بانفعال جسمانى، و هو بعينه فعل النفس بلا شك، لا كما اشتهر في الحكمة الرسمية ان
النفس تستخدم القوة كمن يستخدم كاتبا او ناقشا، و الفرق بأن الاستخدام هاهنا
طبيعى، و هناك غير طبيعى. بل كما حقّق في مقامه من ان النفس بعينها تكون عينا
باصرة و اذنا سامعة، و كذا تكون قوة باطشة في اليد، و قوة ماشية فى الرجل؛ فبها
يبصر العين الباصرة، و بها يسمع الاذن السامعة، و بها يبطش اليد الباطشة، و بها
يمشى الرجل الماشية.
فالنفس مع تجردها و تنزهها عن البدن و قواه لا يخلو منها جزء من
اجزاء البدن عاليا كان او سافلا، و لا تقومها قوة من القوى بمعنى ان لا هوية للقوى
غير هوية النفس؛ لان النفس هوية احدية عقلية، جامعة لهويّات سائر القوى و الاجزاء،
تستهلك عندها و تضمحل لديها هويات سائر القوى و الاجزاء، لانها محيطة بها قاهرة
عليها، منها مبدؤها و إليها منتهاها، كما ان النفس من اللّه مشرقها و الى اللّه
مغربها، و كذا جميع الاشياء منه تبتدئ و إليه تعود و تصير، فالنفس- و هى القلب المعنوى-
امير الحواس و الجوارح، فلا يكون من الجارحة فعل الّا بإرادة النفس، و