اسم الکتاب : مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهين المؤلف : ملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 279
لو لا إرادة النفس كانت الجارحة جمادا لا حركة فيها.
ثم إرادة النفس كوجودها لا تنشأ من ذاتها، و انما تنشأ من إرادة
اللّه تعالى التى هى عين ذاته، و انما اللّه يخلق فيها إرادة و مشيّة،وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ
اللَّهُ[1]. فكما ينشأ من
النفس في الباصرة شعاع[10]تدرك به الالوان و الاضواء، و في السامعة قوة تدرك بها الاصوات،
فكذلك يخلق اللّه تعالى في النفس إرادة و علما تدرك و تتصرف في الامور.
و عند هذا التحقيق ينكشف سرّ قوله تعالى:وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى[2]. فسلب الرمى منه صلى
اللّه عليه و آله من حيث اثبت له. و كذا قوله تعالى:قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ[3]. فنسب القتل إليهم و
التعذيب الى اللّه تعالى بايديهم، و التعذيب هناك عين القتل.
فهذا ما سنح لنا في مسألة «خلقالاعمال» مما ألهمني اللّه تعالى المدرك الفعّال
عند تصادم الشكوك و الاهواء من تراكم[4]البدع
و الآراء في زمان، شاع فيه الجهل و الاضرار لابنائه، و انتشر فيه الانكار و
الاستنكار الى حيث يعدّ اكتساب العلوم الالهية من جملة الشين و العار، و بانكار
المعارف الحقيقية يكتسب الجاه و الافتخار، و يكاد ان ينقرض اهل علم التوحيد من
البلاد و الديار، و يحقّ القول الحقّ عليهم بدعوة المحقّ[5]:رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ
الْكافِرِينَ دَيَّاراً[6].
و
لكل قهوة شاربون و على سكرهم ساربون[7]،كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ[8]؛وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ
يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ[9].