responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 397

الإنسان الأخروي ينشأ منه الجسمية بحسب نفسه و صفات نفسه، لا أنه يحدث و ينشأ هي من الجسم كما في الدنيا، لما بينا أن الأبدان الأخروية يحصل من الجهات الفاعلية لا من الجهات القابلية.

و ليعلم أيضا أن الازدحام و التصادم و التضايق هو من خواص الأجسام الدنياوية، و ليس في الأجسام الآخرة ازدحام و تصادم، فإن كل واحد من أهل السعادة له جنة عرضها كعرض السماوات و الأرض، من غير أن يزاحم شيئا من الأفلاك و العناصر و الأركان، أو يضيق بسبب وجودها الحيز و المكان.

و لغفلة الناس من الأصول المذكورة، صاروا يتعجبون من كون الجنة و النار إذا كانتا موجودتين جسمانيتين فأين وجودهما في العالم و في أي جهة كانتا، إما أن يكونا فوق محدد الجهات، فيلزم أن يكون في اللامكان مكان، و في اللاجهة جهة.

و إما أن يكونا في داخل طبقات السماوات و الأرض، أو ما بين طبقة و طبقة، فيلزم إما التداخل أو الانفراج بين سماء و سماء، و الكل مستحيل، و مع هذا تنافي قوله تعالى" عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ‌" فالمتكلمون حيث لم يدخلوا البيوت من أبوابها ليس في وسعهم التفصي عن أمثال هذا الإشكال، فيجيبون عنه تارة بتجويز الخلاء، و تارة بعدم الجنة و النار مخلوقتين بعد، و تارة بانفتاق السماوات بقدر يسع بينها الجنة.

و أكثر الناس يأبون أن يعترفوا بالعجز و القصور، و يقولوا، لا ندري. الله و رسوله أعلم.

فالمتكلمون حيث لم يدخلوا البيوت من أبوابها ليس في وسعهم التفصي عن أمثال هذا الإشكال، و مع هذا فأحسن أحوالهم أن يكتفوا بمجرد التقليد في هذا المطالب، و لم يتصدوا للبحث في المجادلة، كأكثر المتكلمين الذين يخضعون في المعقولات و هم لا يعرفون المحسوسات، و يتكلمون في الإلهيات و هم يجهلون الطبيعيات، متعاطون البراهين و القياسات و هم لا يحسنون المنطق و الرياضيات و لا يعرفون علم الأخلاق و السياسات و لا العلوم الدينية و الشرعيات إلا مسائل خلافيات و حذليات.

و ليس غرضهم فيها أيضا الوصول إلى الخلاق بتهذيب الأخلاق بل رجوع الخلائق إلى فتاويهم و أقضيتهم التي هي مادة النفاق.

اسم الکتاب : المبدأ و المعاد المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 397
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست