اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 91
بدون الصورة و ليست الصورة أيضا غنية عن الهيولى من كل الوجوه لما
بينا أنها لا توجد بدون الشكلالمفتقرة إلى
الهيولى،فالهيولى
تفتقر إلى ماهية الصورةدون شخصيتهافي وجودها و بقائها،و إذ قد علمت أن الصورة شريكة لعلة فاعلية
للهيولى فلا بد هاهنا من سبب أصل هو موجود ثابت دائم الوجود مفارق الذات عن المادة
و عما يتعلق بها من الجسمانيات، و إلا لعاد بعض المفاسد و من معين هو ماهية الصورة
التي يتحصل وجودها عن السبب الأصل و تستحفظ تلك الماهية في عالم الاسطقسات بتعقيب
الصور منه و تستبقي الهيولى بالسبب الأصل و بالصورة من حيث هي صورة، فباجتماعهما
تحصل العلة التامة القريبة المستمرة الوجود و الصورة العاقبة شريكة للسبب الأصل في
إقامة الهيولى بما يماثل الزائلة في أنها صورة و بما يخالفها من التنوعات تجعل
المادة جوهرا بالفعل غير الذي كان بالسابقة، و قد يقال: كيف تكون طبيعة عامة هي
الصورة المطلقة مبدأ لذات شخصية هي الهيولى و قد تبين في موضعه أن الواحد بالعموم لا
يكون علة الواحد بالعدد فيجاب بأن ذلك غير متبين الفساد في الشرائط و الروابط فإن
العقل و إن استوحش عن تجويز كون المعلول أقوى تحصلا من علته الفاعلية لكن لا يمنع
ذلك في الشرائط و المتممات و غيرها، فيجوز أن يكون الواحد بالعموم المستحفظ وحدة
عمومه بواحد بالعدد يكون علة الواحد بالعدد على أن ذلك لا يخرج العلة التامة عن
الوحدة العددية.
و لقد شبهت الحكماء المعقب القدسي و استحفاظه الهيولى الشخصية بالصور
المترادفة المستمرة وحدة عمومها بمن يمسك سقفا معينا بدعامات متعاقبة في أن يزيل
واحدة منها و يقيم أخرى بدلها، و الحال في عالم الطبيعة الخامسة كالحال في عالم
الطبائع الأربع، فإن الصورة اللازمة هناك تعين العقل الواهب للهيولى بإذن مبدع
الكل بما هي صورة مطلقة لا من حيث هي متشخصة و إن كانت لازمة الشخصية لاحتياجها
إلى المادة في غواشيها من المقدار و الشكل و لذا قال:و الصورة تفتقر إلى الهيولى في تشكلها.
اعلم أن الصورة و إن كانت أقدم ذاتا من الهيولى كما علمت لكن اعتبار
الشخصية يوجب تكرر التعلق من الجانبين لا على وجه الدائر بأن يكون تشخص الهيولى
بنفس ذات الصورة لا بشخصيتها و تشخص الصورة إنما هو بالهيولى الشخصية لا بالهيولى
بما هي هيولى إذ لا تعقل هذية الحال بدون هذية المحل و إلا لصح بقاء الحال مع
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 91