responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 407

الأصلية و يصير فعل الخيرات و العبادات طبيعيا لهم بلا كلفة و مشقة كما أشير إليه بقوله تعالى: وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ‌ [1] و هم الذين باشرت أنوار الحق نفوسهم حتى خشعوا لها، فإن اللّه إذا تجلّى لشي‌ء خشع له.

ثم إن هذا المرض الذي عرض لذواتهم و الحالة المنافية التي قامت بهم لو لا أن وجدوا من ذواتهم قبولا لعروضهما لهم و رخصة في لحوقهما بهم لم يكونا يعرضان لهم و لا يلحقان بهم فإذن كان مما يقتضيه ذواتهم أن يلحقهم أمور منافية مضادة لجواهرهم، فإذا لحقتهم تلك الأمور اجتمعت فيها جهتان: و هما الملائمة و المنافية، أما كونها ملائمة فلأن ذواتهم اقتضتها، و أما كونها منافية فلأنها اقتضتها على أن يكون منافية لهم، فلو لم تكن منافية لم يكن ما فرضناه مقتضى لها بل أمرا آخر أو لا نظرت في المحموم الذي تفعل طبيعته في بدنه الذي قلّت رطوبته بسبب القاسر حرارة توجب فساده و إلى طبيعة الأرض التي تقتضي يبوسة حافظة لأي شكل كان حتى صارت ممسكة للشكل القسري المنافي لكرويتها الطبيعية و منعت عن العود إليها، فعروض ذلك الشكل للأرضية لكونها مقسورة من وجه مطبوعة من وجه. فالإنسان عند عروض مثل هذا المنافي ملتذ متألم سعيد شقي ملتذ، و لكن لذته ألمه سعيد و لكن سعادته شقاوته و هذا عجيب جدا، و لكنا أوضحناه لك أيضا مما لم يبق معك فيه شك فمهما سمعت اللّه عز و جل يذكر هؤلاء بالبعد و الشقاوة فهم أشقياء مبعدون و لا شك في ذلك، و مهما سمعته عز و جل ينبئ عن خلقه كله بالحسن و البهاء و يذكر نفسه بالرحمة التي وسعت كل شي‌ء فاعلم أنه بالنظر إلى الجهة الدقيقة التي نبهناك عليها أن ذواتهم لو لم يستدع عروض العذاب لم يكن يفعل بهم ذلك، فإن اللّه تعالى لا يولي أحدا إلا ما تولاه عدلا منه و رحمة. فإذن، عرفت يا حبيبي وفقك اللّه تعالى أن تحت كل سمّ ترياقا و قبل كل لعنة رحمة و هي الرحمة التي وسعت كل شي‌ء فخلق اللّه كل ممكن على ما اختاره لنفسه كما ورد في الكتاب الإلهي: وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى‌ وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَ نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً (115) [2].

و قد ورد في الخبر في صفة يوم القيامة موقوفا على ابن مسعود: إن اللّه عز و جل‌


[1] سورة البقرة، الآية: 45.

[2] سورة النساء، الآية: 115.

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 407
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست