responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 290

من هناك. و ما يمكن إيراده في هذا الموضع هو ما نقول: أنك لو نظرت حقّ النظر إلى العلة الغائية وجدتها في الحقيقة عين العلة الفاعلية دائما إنما التغاير بحسب الاعتبار، فإن الجائع مثلا إذا أكل ليشبع قائما أكل لأنه تخيل الشبع فحاول أن يستكمل له وجود الشبع فيصير من حدّ التخيل إلى حد الشهود و العين فهو من حيث أنه شبعان تخيلا هو الذي يأكل ليصير شبعان وجودا، فالشبعان تخيلا هو العلة الفاعلية لما يجعله فاعلا تاما و الشبعان وجودا هو الغاية المترتبة على الفعل فالأكل صادر من الشبع و مصدر للشبع و لكن باعتبارين مختلفين. فعلم أن العلة الغائية لا ينفك عن الفاعل و الغاية المترتبة على الفعل أيضا يسترجع إليه بحسب الاستكمال فظهر أن تقسيمهم الغاية إلى ما يكون في نفس الفاعل كالفرح و إلى ما يكون في القابل و إلى ما يكون في غيرهما كرضا فلان غير مستقيم، فإن القسمين الأخيرين يرجعان إلى القسم الأول. و هو ما يكون في نفس الفاعل، فإن الباني لا يبني، و المحصّل لرضا إنسان بفعله لا يحصّل إلا لمصلحة تعود إلى نفسه سواء كان المراد من الغاية ما يجعل الفاعل فاعلا أو ما يترتب على الفعل ترتبا ذاتيا و كذا تقسيمهم الآخر أنه قد يكون الغاية نفس ما ينتهي إليه الحركة و قد يكون غيره كما ذكرنا، إذ لو لا أولوية أو طلب فرح أو انتفاع يعود إلى النفس لم يتصور الحركة الإرادية.

و يمكن الجواب عن الأخير لا بما ذكره بعضهم من أن المراد من الغاية في هذا التقسيم و التقسيم الآخر هي النهاية المترتبة على الفعل. إذ قد سبق أن الغاية بهذا المعنى أيضا يجب أن يعود إلى الفاعل و لو بحسب الظن إذا لم يكن عائق، بل أن المراد منه أن الغاية بحسب الماهية أما نفس ما انتهت إليه الحركة أو غيرها.

ثم اعلم أنه قد وجد في كلامهم أن أفعال اللّه تعالى غير معللة بالأعراض و الغايات و وجد كثيرا في ألسنتهم أنه تعالى غاية الغايات، و أنه المبدأ و الغاية و في الكلام الإلهي: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [1]، و ارْجِعِي إِلى‌ رَبِّكِ‌ [2] إلى غير ذلك مما لا يعد و لا يحصى.

فإن كان المراد من نفي التعليل عن فعله تعم نفي ذلك عنه بما هو غير ذاته، فهو


[1] سورة الشورى، الآية: 53.

[2] سورة الفجر، الآية: 28.

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست