responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 291

كذلك لما سبق من أنه تام الفاعلية لا يتوقف فيها على غيره، لكن لا يلزم من ذلك نفي الغاية و الغرض عن فعله مطلقا فلك أن تجعل علمه بنظام الخير الذي هو عين ذاته كما سيجي‌ء علة غائية و غرضا في الإيجاد.

فإن قلت: العلة الغائية كما صرحوا به هي ما يقتضي فاعلية الفاعل، فيجب أن يكون غير ذلك الفاعل ضرورة مغايرة المقتضى للمقتضى.

قلت: كثيرا ما يطلقون الاقتضاء على المعنى الأعم منه الذي هو مطلق عدم الانفكاك مسامحة اعتمادا على فهم المتدرب في العلوم. كيف و لم يقم برهان و لا ضرورة على أن الفاعل يجب أن يكون غير الغاية في الحقيقة، فإن الفاعل هو ما يفيد الوجود و الغاية ما يفاد لأجله الوجود، سواء كان عين ذات الفاعل أو أعلى منها فإنك لو فرضت الغاية أمرا قائما بذاته و كان ذلك الأمر مصدر فعل ذاتي لكان فاعلا و غاية.

فقد علم أن مرادهم من الغاية التي نفوها عن فعله تعالى هي ما يكون غير نفس ذاته من كرامة أو محمدة و ثناء و إيصال نفع إلى الغير أو غير ذلك من الأمور التي يترتب على فعله تعالى من دون الالتفات إليها من جانب القدس.

و أما الغاية التي هي عين علمه بنظام الخير الذي هو عين ذاته داعيا له إلى إفادة الخير كما أشرنا إليه، فهو مما ساق إليه الفحص و البرهان و شهدت إليه عقول الفحول و أذهان الأكابر و الأعيان. و قد نص عليه الشيخ الرئيس في «التعليقات» بقوله: و لو أن إنسانا عرف الكمال الذي هو واجب الوجود بالذات ثم كان ينظم الأمور التي بعده على مثاله حتى كانت الأمور على غاية النظام لكان غرضه بالحقيقة واجب الوجود بذاته الذي هو الكمال بأن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل فهو أيضا الغاية و الغرض، انتهى.

ثم نقول: كما أن المبدأ الأول غاية الأشياء بالمعنى المذكور، فهو غاية بمعنى أن جميع الأشياء طالبة لكمالاتها و متشبهة بها في تحصيل ذلك الكمال بحسب ما يتصور في حقها، فلكل منها عشق و شوق إليه إراديا كان أو طبيعيا، و الحكماء المتألهون حكموا بجريان نور العشق و الشوق في جميع الموجودات على تفاوت طبقاتهم. و قد صرّح به الشيخ في عدة مواضع من كتبه بأن القوى الأرضية كالنفوس و الطبائع لا يحركه موادها لتحصيل ما تحتها من المزاج و غيره. و إن كانت هذه من التوابع اللازمة

اسم الکتاب : شرح الهداية الأثيرية المؤلف : الملا صدرا    الجزء : 1  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست