اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 60
[الفصل الثالث عشر] م- فصل[1]فى ذكر البخت و الاتفاق و الاختلاف فيهما و ايضاح حقيقة حالهما
و إذ قد تكلمنا عن الأسباب، و كان البخت و الاتفاق و ما يكون من
تلقاء[2]نفسه قد[3]ظن[4]بها أنها من الأسباب فحرى بنا أن لا نغفل أمر النظر في هذه المعانى،
و أنها هل هى في الأسباب أو ليست في الأسباب[5]، و إن كانت فكيف هى في
الأسباب.
و أما القدماء الأقدمون فقد كانوا اختلفوا في أمر البخت و الاتفاق.
ففرقة أنكرت أن يكون للبخت و الاتفاق مدخل في العلل، بل أنكرت أن يكون لهما معنى
في[6]الوجود البتة. و قالت: إنه من المحال أن نجد للأشياء أسبابا موجبة[7]و نشاهدها فنعدل عنها و نعزلها عن أن تكون عللا و نرتاد لها عللا
مجهولة من البخت و الاتفاق، فإن الحافر بئرا إذا عثر على كنز، جزم أهل الغباوة
القول بأن البخت السعيد قد لحقه، و إن زلق فيه[8]فانكسر رجله[9]، جزموا القول بأن البخت
الشقى قد[10]لحقه. و لم يلحقه هناك بخت البتة، بل كان من يحفر إلى الدفين يناله،
و من[11]يميل على زلق في شفير يزلق عنه. و يقولون إن فلانا لما خرج إلى السوق
ليقعد في دكانه لمح غريما له فظفر بحقه، فذلك من فعل البخت و ليس كذلك، بل ذلك
لأنه قد توجه إلى مكان به غريمه و له حس بصر[12]فرآه[13]. قالوا: و ليس[14]و
إن كان غايته في خروجه غير هذه الغاية، يجب أن لا يكون الخروج إلى السوق سببا
حقيقيا للظفر بالغريم، فإنه يجوز أن يكون لفعل واحد غايات شتى، بل أكثر الأفعال
كذلك لكنه يعرض أن يجعل المستعمل لذلك الفعل أحد[15]تلك الغايات غاية، فتتعطل[16]الأخرى بوضعه[17]لا
في نفس الأمر