اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 61
و هو[1]في نفس الأمر غاية يصلح أن ينصبها غاية و يرفض[2]ماسواها. أ ليس لو كان هذا الإنسان[3]شاعرا بمقام[4]الغريم
هناك، فخرج يرومه[5]فظفر به، لم يقل[6]إن
ذلك واقع منه بالبخت، بل قيل لما عداه إنه بالبخت أو بالاتفاق فيرى[7]أن[8]جعله أحد الأمور التي يؤدى إليها خروجه غاية تصرف الخروج عن أن يكون
في نفسه سببا لما هو سببه فكيف[9]يظن
أن ذلك يتغير بجعل جاعل[10].
فهؤلاء طائفة، و قد قام بإزائهم طائفة أخرى عظموا أمر البخت جدا و
تشعبوا فرقا. فقال قائل[11]منهم:
إن البخت سبب إلهى مستور يرتفع عن أن تدركه العقول، حتى أن بعض من
يرى رأى هذا القائل أحل البخت محل الشيء يتقرب إليه أو إلى اللّه تعالى[12]بعبادته، و أمر فبنى له هيكل و اتخذ باسمه صنم يعبد على نحو ما تعبد
عليه[13]الأصنام.
و فرقة قدمت البخت من وجه على الأسباب الطبيعية، فجعلت كون العالم
بالبخت. و هذا هو ديمقراطيس و شيعته فإنهم يرون أن مبادئ الكل هى أجرام صغار لا
تتجزأ لصلابتها و لعدمها الخلاء، و أنها غير متناهية بالعدد[14]و مبثوثة في خلاء غير متناهى القدر، و أن جوهرها في طباعه[15]متشاكل و بأشكالها مختلف، و أنها دائمة الحركة في الخلاء فيتفق أن
يتصادم منها جملة فتجتمع على هيئة فيكون منه عالم، و أن في الوجود عوالم مثل هذا
العالم غير متناهية بالعدد مترتبة في خلاء غير متناه، و مع ذلك فيرى أن الأمور
الجزئية مثل الحيوانات و النباتات[16]كافية[17]لا بحسب الاتفاق.
و فرقة أخرى لم تقدم[18]على
أن تجعل العالم بكليته كائنا بالاتفاق، و لكنها جعلت الكائنات متكونة عن المبادئ
الاسطقسية بالاتفاق، فما اتفق أن كان هيئة اجتماعه على نمط يصلح للبقاء-- و النسل
بقى[19]و نسل، و ما اتفق أن لم يكن كذلك لم ينسل، و أنه قد كان في ابتداء
النشوء ربما تتولد حيوانات مختلطة[20]الأعضاء
من أنواع مختلفة و كان يكون حينئذ[21]حيوان
نصفه أيّل و نصفه عنز، و أن أعضاء الحيوان ليست هى على ما هى عليه من