اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 217
فإذن الجزء لا يطلب[1]مكانا
بالطبع، و ما لا يطلب مكانا بالطبع فهو لا يتحرك بالطبع، فإن[2]الذي يظن أن الحركة بالطبع هو إلى غير المكان الطبيعى، بل إلى الكلية
أو غير ذلك، أمر تبين لك بطلانه. فنعلم من هذا أن لأجسام التي[3]لأجزائها حركات طبيعية إلى الجهات المحدودة العدد المشار إليها، كلها
متناهية، فالجسم[4]الذي ذلك لكليته أظهر.
و نقول أيضا: إنه لا يجوز أن تكون لأجسام محدودة المقادير، غير
محدودة العدد، فإنها لا تخلو إما أن تكون متماسة[5]أو تكون متباينة مبثوثة فى[6]المكان. فإن كانت متباينة، فلو توهمناها متماسة متلاقية صار حجم
جملتها من[7]جميع الجهات أصغر و أقرب إلى الوسط من حجم ما يحويها، فتكون متناهية
الحجم و قاصرة عن الحجم الأول بمقدار ما قطعت من مقامها إلى التماس، فيكون الحجم
الأول أيضا متناهيا، فيكون عدد[8]الموجود
منها[9]فى حجم متناه منها متناهيا، لأن الأجزاء الموجودة بالفعل فى كل محدود[10]محدودة بالعدد.
و من هذا يعلم أنه لا يجوز أن تكون حركة ذاهبة إلى غير النهاية[11]فى الاستقامة، إذ قد[12]علمت
تناهى الأبعاد و سلف لك تناهى الجهات، و أنه يستحيل أن تكون الحركة إلى السفل
مثلا، و السفل غير متحدد، و كذلك حال العلو. فإذا كان السفل متحددا فمقابله لا
محالة متحدد، و كذلك إن كان العلو متحددا فمقابله لا محالة متحدد، و إن لم[13]يكن موجودا لم[14]يكن
مقابلا، فلم يكن للسفل مقابل، فلم يكن اسفل سفلا، لأن السفل سفل بالقياس إلى
العلو.
و من الكلام المستحيل قول من جعل غير[15]المتناهى من حيث هو غير متناه اسطقسا و مبدأ، ليس ذلك من حيث هو
طبيعة أخرى كماء أو هواء[16]، تلك الطبيعة يعرض لها أن
لا تتناهى. و الدليل على استحالة هذا القول إن هذا الذي هو[17]غير متناه إما[18]أن
يكون منقسما أو غير[19]منقسم، فإن كان غير منقسم فليس هو غير متناه من الجهة التي تذهب
إليها، بل على سبيل السلب، كما يقال للنقطة إنها غير متناهية[20]. و ليس إلى هذا يذهبون بل يريدونه غير متناه ليكون لنا[21]أن نأخذ منه ما شئنا، و إن كان منقسما. و ليس ينقسم إلى طبيعة أخرى،
إذ ليست[22]هناك طبيعة