اسم الکتاب : الشفاء - الطبيعيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 218
ما لا نهاية، من حيث هو لا نهاية، يجب[1]أن يكون كل جزء فى طبع الكل، و أن يكون الجزء المحاط المحدود بالقسمة
منه أيضا غير متناه، و هذا محال[2].
فقد وضح مما قلنا إنه لا وجود لجسم غير متناه، و لجسم متحرك بالطبع
غير متناه، و لجسم اسطقسى مؤثر متأثر غير متناه. و كذلك[3]الأعداد[4]لها ترتيب فى الطبع غير متناهية[5]بالفعل، فبقى أن نتأمل بنحو آخر[6]من وجود ما لا يتناهى فى الأجسام أنه هل هو مما يصح أم لا، و ذلك حال
نموها، فنقول: قد ظن بعض المتقدمين إنه كما أن للجسم أن يمعن ذاهبا فى الانقسام من
غير أن يقتضى[7]حدا فى الصغر لا أصغر[8]منه
كذلك له ذلك[9]فى جانب العظم[10]. فإنه
كما أن هذا الانقسام ليس يحصل بالفعل معا، و لكن يحصل شيئا بعد شيء، فلا ينتهى
إلى حد[11]لا أصغر منه كذلك فى العظم. قال: فإنه و إن استحال وجود عظم للجسم
غير متناه بالفعل، فليس يستحيل السلوك[12]إليه،
كما الحال فى تزايد الأعداد، فلينظر فى هذا المذهب، و ليتأمل كيف يصح و كيف لا
يصح. فنقول: إنه يصح من وجه، و لا يصح[13]من
وجه. أما[14]الوجه الذي يصح منه[15]هذا
المذهب، فذلك[16]لأن لك فى التوهم أن تقسم جسما متناهيا قسمة لا تقف و لك فى التوهم
أن لا تزال تأخذ جزءا من المقسوم و تضيفه[17]إلى جزء آخر أو جسم آخر فيصير أكبر مما كان، ثم تأخذ جزءا آخر من
الباقى أصغر من الباقى و تضيفه إلى زيادة أولى، فلا يزال يزداد ذلك زيادة، كل تال[18]منها يكون أصغر من الأول، و لا يبلغ الجسم المزيد عليه تلك الزيادات
أو يساوى جملة الزيادات التي يحصل منه[19]جميع
الجسم المقسوم. و هذا الضرب من الزيادة لا يبلغ بالجسم كل عظم اتفق، بل له حد لا
ينتهى إليه البتة، فضلا عن أن يزيد عليه. و أما الضرب من الزيادة التي من شأنها أن
تنمى[20]الجسم حتى توافى كل حد فى[21]العظم[22]أو تزيد عليه فذلك[23]متعذر
و ليس على[24]قياس الصغر، فإن القسمة لا تحتاج إلى شيء خارج عن الجسم. و النمو و
التزيد[25]يكون إما بمادة تنضم إلى الأصل، و هذا يوجب أن تكون مواد للأجسام[26]بلا نهاية