اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 420
فإن الحرارة النارية تفعل في جرم من الأجرام بأن تضع فيه مثالها و هو
السخونة- و كذلك سائر القوى من الكيفيات و النفس الناطقة إنما تفعل في نفس ناطقة
أخرى مثلها بأن تضع فيها مثالها و هي الصورة العقلية المجردة و السيف إنما يضع في
الجسم مثاله و هو شكله و المسن إنما يحدد السكين بأن تضع في جوانب حده مثال ما
ماسه- و هو استواء الأجزاء و ملاستها انتهى كلامه و قال بعض العرفاء إن كل معلول[1]فهو مركب في طبعه من جهتين جهة بها يشابه
الفاعل و يحاكيه و جهة بها يباينه و ينافيه إذ لو كان بكله من نحو يشابه نحو
الفاعل كان نفس الفاعل لا صادرا منه فكان نورا محضا لو كان بكله من نحو يباين نحو
الفاعل استحال أيضا أن يكون صادرا منه لأن نقيض الشيء لا يكون صادرا عنه فكان
ظلمة محضة و الجهة الأولى النورانية يسمى وجودا و الجهة الأخرى الظلمانية هي
المسماة ماهية و هي غير صادرة عن الفاعل لأنها الجهة التي تثبت بها المباينة مع
الفاعل فهي جهة مسلوب نحوها عن الفاعل و لا ينبعث من الشيء ما ليس عنده و لو كانت
منبعثة عن الفاعل كانت هي جهة الموافقة فاحتاجت إلى جهة أخرى للمباينة فالمعلول من
العلة كالظل من النور يشابهه من حيث ما فيه من النورية و يباينه من حيث ما فيه من
شوب الظلمة[2]فكما أن الجهة
الظلمانية في الظل ليست فائضة من النور و لا هي من النور لأنها تضاد النور و من أجل
ذلك توقع المباينة فكيف تكون منه فكذلك الجهة المسماة ماهية في المعلول.
فثبت صحة قول من قال الماهية غير مجعولة و لا فائضة من العلة فإن
الماهية ليست إلا ما به الشيء شيء فيما هو ممتاز عن غيره من الفاعل و من كل شيء
و هو الجهة الظلمانية المشار إليها التي تنزل في البسائط منزلة المادة في الأجسام.
و قد أشار إلى ثبوت هذا التركيب في البسائط الشيخ الرئيس في إلهيات
الشفا
[2]هذا الشوب يحكم به بمعونة الوهم و إلا فالظلمة عدم النور
لا شوب لها به و بالجملة ما أفاده ذلك العارف المحقق تحقيق أنيق و السلسل الرحيق و
الترياق المفيق و الله يهدي إلى سواء الطريق، س ره
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 420