اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 220
و الأرض أن تزولا و لئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده و ما أشد
سخافة وهم من يرى أن حاجة العالم إلى قيوم السماوات و الأرض و من فيهما و ما
عليهما في حال الحدوث لا في حال البقاء حتى صرح بعض من هؤلاء القائلين بهذا القول
جهلا و عنادا- أن الباري لو جاز عدمه لما ضر عدمه وجود العالم بعده[1]لتحقق الحدوث بإحداثه و هذا غاية الجهل و
الفساد في الاعتقاد على أن كل علة ذاتية[2]فهي مع معلولها وجودا و دواما كما سنذكره في مباحث العلة و
المعلول.
و من الشواهد في ذلك حرارة النار الفائضة من جوهرها أعني صورتها على
ما حولها من الأجسام للتسخين و هكذا يفيض من الماء الرطوبة و البلل على الأجسام
المجاورة له و الرطوبة جوهرية و ذاتية للماء كما أن الحرارة للنار كذلك و هكذا
يفيض من الشمس النور و الضياء على الأجرام الكوكبية و العنصرية لأن النور جوهري
للشمس و الفعل الذاتي لا يتبدل و كذلك يفيض الحياة من النفس على البدن إذ الحياة
جوهرية لها و صورة مقومة لذاتها فلا يزال ينشأ منها الحياة على البدن الذي هو جسم
ميت في ذاته حي بالنفس ما دام صلوحه لإفاضة الحياة عليه من النفس باقيا[3]فإذا فسد صلوحه لقبول الحياة تخلت و
لخراب البدن ارتحلت و كذلك نسبة كل علة ذاتية مع معلولها و يجيء أن نسبة الإيجاد
إلى المؤلف[4]و المركب
كالبناء
[1]اعلم أن من المعلولات ما يكون علة حدوثه غير علة بقائه
كالبناء فإن علة حدوثه البناء و علة بقائه يبس العنصر و منها ما يكون علة حدوثه هي
علة بقائه كالقالب المشكل للماء و العالم بالنسبة إلى الواجب تعالى من قبيل الثاني
لكونه واجب الوجود بالذات و واجب الوجود من جميع الجهات لا من قبيل الأول فمن تفوه
بأنه لو جاز على الباري تعالى العدم لما ضر عدمه وجود العالم فاحث التراب في فيه،
س ره
[2]احتراز عن العلل الإعدادية فإن عليتها بضرب من التوسع و هو
العلية الاتفاقية و البختية فليست بعلية حقيقية فتدبر، ن ره
[3]هذا يتصور على وجهين وجه هو حصول الاستغناء للنفس عن البدن
و عن استعماله حسب استكماله و حينئذ يحل الأجل و هو الأجل الطبيعي و وجه هو فساد
صلوحه لتعلق النفس قبل أن يتم استكمالها و هذا يتطرق من الأسباب الاتفاقية
الخارجية- و حينئذ يحل الموت و هو الأجل الاخترامي، ن ره
[4]ما
يصدر عن المؤلف بالذات هو انبعاث نفسه إلى بعث طبعه على الحركة التي هي عين تحريكه
للأعضاء و أما خصوص اقتران أجزاء المركب كاللبنة و الحجر و غيرهما و اختلاطها
بهيأة خاصة فهو يحصل من قوي المؤلف بالعرض لا بالذات و هذا النحو من التأثير
بالعرض يسمى بالبخت و الاتفاق، ن ره.
الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ؛ ج1 ؛ ص221
اسم الکتاب : الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 220