responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 16

لم قلتم: إن كونه موجودا بغيره يستدعي حدوثه عن عدم فإن وجود الشي‌ء بالشي‌ء لا ينافي كونه دائم الوجود به، و إنما يتبين هذا بأن نبحث في الموضع المتفق أنه إذا أحدثه عن عدم هل كان سبق العدم شرطا في تحقق الأحداث؟.

قلنا: لا يجوز أن يكون شرطا فإن المحدث ما استند إلى المحدث إلا من حيث وجوده فقط و العدم لا تأثير له في صحة الإيجاد فيجوز أن يكون دائم الوجود بغيره.

و الجواب: قلنا: الواجب أن نزيل عن الكلام ما يوقعه الوهم حتى يتجرد المعقول الصرف عن العقل فقول القائل وجد عن عدم أو بعد العدم أو سبقه العدم إن كان يعني به أن العدم شي‌ء يتحقق له سبق و تقدم و تأخر و استمرار أو انقطاع أو شي‌ء يوجد عنه شي‌ء، فذلك كله من إيهام الخيال حيث لم يمكنه تصور الأولية في الشي‌ء الحادث إلا مستندا إلى شي‌ء موهوم كالزمان و المدة كما لم يمكنه تصور النهاية في العالم إلا مستندا إلى شي‌ء موهوم كالخلاء و الفضاء و كما لم يمكن فرض خلاء بين وجود الباري تعالى و بين العالم لا يمكن أيضا فرض زمان و تقدير زمان بين وجود الباري تعالى و بين العالم، فإن ذلك من عمل الوهم فقط و لا يلزم منه المعية بالزمان كما لا يلزم المعية من المكان فافهم ذلك‌ [1]، فيجب أن تزيل هذا الإيهام عن فكرك فيتصور أن وجود شي‌ء لا من شي‌ء هو المعني بحدوث الشي‌ء عن العدم، فإن قولنا له أول المعنى بحدوثه، و إن قولنا لم يكن فكان هو المعنى بسبق العدم إذ لا بدّ من عبارة و توسع في الكلام ليطلق لفظ السبق و التأخر و الاستمرار و الانقطاع و إذا ثبتت هذه القاعدة، فنقول: إذا كان العالم ممكن الوجود باعتبار ذاته و الممكن معناه أنه جائز الوجود و جائز العدم فيستوي طرفاه أعني الوجود و العدم باعتبار ذاته، فإذا وجد فإنما يوجد باعتبار موجده و لو لا موجده لما استحق إلا العدم، فهو إذا مستحق الوجود و العدم بالاعتبارين المذكورين فكان واجب الوجود سابقا عليه بالذات و الوجود إذ لولاه لما وجد، و لا يجوز أن يكون وجوده مع واجب الوجود بالذات و الوجود جميعا لأن قبل و مع بالذات و الوجود لا يجتمعان في شي‌ء واحد فهو إذا متأخر الوجود و لا يجوز أن يكون مع واجب الوجود بالزمان لأنه يوجب أن يكون واجب الوجود زمانيا لأن قولنا مع من جملة المتضايفات كالأخوة و الأبوة فأحد الشيئين إذا كان مع الثاني بالزمان كان الثاني معه أيضا بالزمان و بكل اعتبار أثبت المعية في أحد الشيئين وجب عليك أن تثبتها في الشي‌ء الثاني و لا يجوز أن يكون وجوده مع واجب الوجود


[1] انظر: الملل و النحل للمصنف (2/ 187).

اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست